البروج ملعب الدار الحمرا… أطفال يشهدون بلسانهم قبل أصواتهم
بقلم: ذ. عابد مصطفى
يشهد ملعب الدار الحمرا بمدينة البروج مشهداً غير مألوف في مدن أخرى تتوفر على بنية تحتية رياضية محترمة. أطفال وشباب تجمعوا لمتابعة مباراة لكرة القدم، لكنهم وقفوا فوق سور إسمنتي عالٍ يفتقر إلى شروط السلامة، فقط لأن الملعب لا يتوفر على مدرجات تستوعب الجمهور. في خضم هذا المشهد، رفع هؤلاء الأطفال لافتة كتب عليها: “التيران حنا شفناه… والتريبين توحشناه”. كلمات بسيطة لكنها تعبر عن واقع مرّ، وتختصر معاناة مدينة بأكملها تنتظر إصلاحاً حقيقياً للبنيات الرياضية.
إن غياب المدرجات في ملعب يعتبر المتنفس الوحيد لأبناء البروج يطرح سؤالاً ملحّاً حول مدى الاهتمام بقطاع الرياضة محلياً. فالملاعب ليست مجرد مساحات للعب، بل هي فضاءات للتربية، والتنمية، وصناعة المواهب. حين يُترك الأطفال يغامرون بأجسادهم فوق سور غير آمن فقط ليعبّروا عن حبهم لكرة القدم، فهذا يعني أن المدينة تُهمل طاقاتها الشابة وتتركها دون الحد الأدنى من شروط السلامة والراحة.
الصورة التي التقطت لهؤلاء الصغار وهم يرفعون رسالتهم أقوى من أي تقرير إداري أو تصريح رسمي. فقد عبّروا بعفويتهم عن صوت الساكنة، وعن حاجة المدينة إلى تدخل عاجل يعيد الاعتبار لبنيتها التحتية الرياضية. لقد حوّلوا لحظة مشاهدة مباراة إلى نداء واضح موجّه إلى كل الجهات المعنية: المجلس الجماعي، والسلطات المحلية، والمديرية الإقليمية للشباب. فالرسالة التي رفعوها ليست شكوى، بل إعلان عن نهاية الصبر.
البروج مدينة غنية بطاقاتها البشرية، وبشبابها العاشق لكرة القدم، وبمواهب تحتاج فقط لفضاء لائق لتتطور. لكنها اليوم تجد نفسها أمام واقع يتطلب قرارات مسؤولة، ورؤية واضحة، واستثمارات تليق بتطلعات السكان. فالتأهيل الرياضي ليس ترفاً، بل ضرورة اجتماعية وثقافية وحضارية.
إن الصورة التي خرجت من ملعب الدار الحمرا يجب أن تكون صرخة توقظ الوعي، وتعيد ترتيب الأولويات. فهؤلاء الأطفال الذين أطلقوا رسالتهم من فوق السور يستحقون ملعباً آمناً، ومدرجات تحميهم، وبنية تحتية تمنحهم الحق في ممارسة شغفهم بكرامة. السؤال الذي يبقى مطروحاً هو: هل ستستجيب الجهات المسؤولة لنداء هؤلاء الصغار، أم ستظل رسالتهم مجرد صورة تعبر منصات التواصل دون أثر؟

