من يحمي الفوضى والعشوائية واحتلال الملك العمومي بمدينة الفنيدق؟

رغم تعليمات وزارة الداخلية الصارمة، ورغم الاستعدادات التي يعرفها المغرب لتنظيم تظاهرات دولية كبرى، لا تزال مدينة الفنيدق تعيش وضعاً فوضوياً غير مبرر، عنوانه العشوائية واحتلال الملك العمومي في أفظع تجلياته. ففي الوقت الذي يتوافد فيه الزوار والسياح خلال فصل الصيف على المدينة الساحلية، يجدون أنفسهم أمام مشهد فوضوي يعكس غياب التنظيم وتراخي الجهات المعنية عن أداء دورها.
فالظاهرة التي باتت تقض مضجع الساكنة والزوار على حد سواء، هي تفشي “الفيلاجات” العشوائية، وانتشار الباعة الجائلين وتجار الأرصفة وأصحاب العربات المجرورة الذين توافدوا من كل فج إلى المدينة، وكأن الفنيدق أصبحت وجهة رسمية لمن لا مكان له، وعلى حساب راحة الساكنة ومصالح الزوار.
الشوارع أصبحت مكتظة، والأرصفة محتلة بالكامل، التي يفترض أن تكون متنفساً للمارة تحولت إلى أسواق عشوائية تعرقل السير والجولان، وتنشر الفوضى والتلوث البصري والصوتي. الأمر لم يعد مقتصراً ، بل شمل حتى المداخل الرئيسية والأسواق المركزية ساحة المسجد و جنبات الطريق وحتى فوق الخطوط البيضاء المعدة لممر الراحلين.
المفارقة الغريبة أن هذا الوضع يتزامن مع تعليمات مركزية واضحة بضرورة تحرير الملك العمومي وتنظيم الفضاءات التجارية، و هيكلة التجارة مما يطرح سؤالاً مشروعاً: من يحمي هذه الفوضى؟ ومن يغض الطرف عن هذا التسيب؟
هل يمكن تبرير هذه الفوضى و التخريب و وكراريس وجبات الفلفل و السردين وغياب لجنة المراقبة باسم “السلم الاجتماعي”؟ وهل أصبح توفير فضاءات الشوارع والأرصفة لتجار الأرصفة والباعة الجائلين أولوية على حساب النظام العام وجمالية المدينة وراحة المواطنين؟ وإذا كان من الواجب التضامن مع الفئات الهشة، فإن ذلك لا يعني التفريط في القانون ولا في صورة المدينة التي يُراد لها أن تكون واجهة سياحية وتنموية.
الواقع أن هذا التراخي في تطبيق القانون يهدد بجعل الفنيدق طاردة للزوار والسياح، بعدما أصبح الكثير منهم يختار مغادرتها بسرعة بسبب غياب النظام، وتفشي مظاهر الفوضى والعشوائية. فالمدينة التي تملك مؤهلات طبيعية وبحرية هائلة، يُراد لها أن تبقى رهينة لسياسات مرتجلة، ومصالح ضيقة، وحسابات ظرفية.
اليوم، الفنيدق بحاجة إلى تدخل عاجل وحازم، يضع حداً لاحتلال الملك العمومي، وينظم الأنشطة التجارية في إطار يحفظ كرامة الجميع دون الإضرار بالمصلحة العامة. فمدينة بهذا التاريخ والموقع لا تستحق أن تُدفن تحت ركام العشوائية و المصالح الضيقة.
والسؤال الذي يبقى معلقاً إلى حين صدق النوايا: من يحمي هذه الفوضى؟