السلم الاجتماعي بالفنيدق بين الاستغلال والاستدلال و فشل المشاريع يطرح أكثر من سؤال؟؟

السلم الاجتماعي بالفنيدق بين الاستغلال والاستدلال و فشل المشاريع يطرح أكثر من سؤال؟؟
الفنيدق: عمر اياسينن

 

في وقت كانت فيه مدينة الفنيدق تشكل معبرا تجاريا حيويا ومتنفسًا اقتصاديا لآلاف المواطنين، تحولت فجأة إلى رمز للأزمات المتراكمة ووعود التنمية المؤجلة و ملجئ لكل اجناس و اصناف المهاجرين السريين. من عاصمة للتجارة و التهريب الدولي وتبييض الأموال، وملاذ لكل من ضاقت بهم السبل، إلى مدينة تائهة بين مشاريع فاشلة وسكان يبحثون عن أمل في ظل حديث متواصل عن “السلم الاجتماعي” الذي لم يعد يُقنع أحدا.

قبل إغلاق معبر باب سبتة المحتلة، كانت شهادة السكنى في الفنيدق أشبه ببطاقة إنقاذ ذهبية من الفقر، وجواز السفر نحو العمل و الحياة. استفاد الجميع من هذه المنظومة غير المهيكلة، وبُنيت بها أراضٍ، وشُيّدت بها عمارات ، وتحركت عجلة الاقتصاد، ولو بشكل غير رسمي.

الفنيدق كانت عنوانًا للكرم
والاحتضان، ومقصِدا لمن يبحث عن لقمة عيش، وكان الجميع يتقاسم ما تجود به الحدود، في ظل غياب فرص رسمية، لكن بوجود “نظام عيش” غير معلن.

القرار السيادي بإغلاق المعبر، رغم مبرراته السياسية والأمنية، نزل على المنطقة كالصاعقة. إذ لم يكن هناك تصور بديل، ولا إعداد مُسبق لاحتواء الصدمة. تبعه حراك اجتماعي واحتجاجات واسعة، سرعان ما قوبلت بوعود رسمية، وتعليمات سامية لإطلاق مشاريع بديلة تضمن الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

تم الإعلان عن تشييد “منطقة الأنشطة الاقتصادية” كحل استراتيجي، والقطع مع التهريب و التجارة الغير المقننة، إلى جانب الاعتماد مؤقتًا على برامج الإنعاش الوطني لامتصاص البطالة. وصرّح أحد المسؤولين البارزين في اجتماع رسمي أن عمّال الإنعاش حل مؤقت و سيتم إدماجهم لاحقًا داخل المنطقة الانشطة الاقتصادية. لكن الواقع الميداني أظهر أن تلك المشاريع لم توفر ادنى فرص الشغل؛ أو شيدت دون رؤية واضحة و حل الإنعاش الوطني مستمر و يكلف ميزانية ضخمة من العام .

معامل حيضرة التي كان من المفترض أن تكون قاطرة التنمية، تحوّلت إلى مبانٍ مهجورة، صرفت عليها الملايير دون أن تخلق فرصة شغل ، ولا حتى مبررًا لوجودها. فحسب شهادات محلية، لم يتم إجراء دراسات ميدانية أو إشراك حقيقي للسكان والمهنيين في إعداد هذه المشاريع، بل تمت الأمور بمنطق “الإنقاذ بالغريق”.

نتيجة لهذه الدراسات والرؤيا الغير الوضحة ، تحولت المدينة إلى بؤرة للفوضى احتلال واسع للملك العمومي، تفشي ظواهر التسول والتشرد، تصاعد موجات الهجرة السرية، وغياب أي تنمية تذكر. باتت الفنيدق “عاصمة للعشوائية”، في غياب تام لأي تخطيط عمراني أو اجتماعي حقيقي،وبيئة غير صالحة للحياة رغم الورود التي تخفي الغابة.

ويقول أحد التجار (ن/ق) في
تصريح لمراسل مجلة 24
لقد ضحينا جميعا في انتظار الفرج، لكن لا معامل ولا فرص شغل، لا حركة تجارية، واضاف كيف تلاشت الفين منصب شغل التي شيدت من اجلها منطقة الانشطة الاقتصادية، و اين رُحل معمل القمرون الذي كان يروج له انه سوف يوفر ثلاث الف منصب شغل و لم يخرج للوجود وسط ذهول الجميع مما يظهر ان هناك عجلة ضائعة في بالبدائل الاقتصادية ولا تتحرك ، رغم انا السلطات المركزية خصصت ملايير لتغيير الاوضاع و خلق البدائل، و اضافة ايضا الكل يستغل شعار السلم الاجتماعي ليبرر التأخير والتراجع. بينما نحن من ندفع الثمن وغارقين في الضرائب و الاكرية و غير محسوبين على السلم الاجتماعي ولا من يسمع صوتنا رغم نداءاتنا المتكررة.

في ظل هذا الوضع، يبرز مصطلح “السلم الاجتماعي” باعتباره أداة تُستخدم أكثر مما تُمارس أزيد من خمس عشرة سنة. فحسب أحد الفاعلين الحقوقيين المحليين، يتم “استغلال” المفهوم لتمرير الفشل، وامتصاص غضب الشارع، رغم أن الواقع يقول عكس ذلك و الازمة مستمرة وكانها خطط لها لبقاء الاوضاع الاجتماعية و الاقتصادية متدهورة لتستفيد جهات ما..!!

إذا كان السلم الاجتماعي يعني ترك المدينة تغرق في العشوائية وتشويه المنظر العام، فالأجدر أن نسميه: سلم من ورق. عندما تتحول الفوضى الى سياسة، و يتحول الغياب عن المسؤولية وعدم تطبيق القوانين المنظمة قاعدة. و أسئلة عالقة تنتظر جوابًا شجاعًا؟؟

الفنيدق اليوم تقف على مفترق طرق حاسم: إما أن يتم تدارك الأخطاء وفتح حوار شفاف لإعادة بناء الثقة، أو أن يستمر الوضع في الانحدار. أما السلم الاجتماعي، فهو ليس شعارا يُرفع حينا ويُسقط حينًا، بل مسؤولية جماعية تتطلب وضوحا، محاسبة، وإرادة حقيقية لا تُقايض الحقائق بالشعارات و الوطن يسع الجميع و الامل قائم و الرؤيا واضحة و مستمرة و الحق في السؤال هو اساس تقدم الشعوب.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *