إقليم بنسليمان: ملفات وتحديات تنتظر الحلول من طرف العامل الجديد

إقليم بنسليمان: ملفات وتحديات تنتظر الحلول من طرف العامل الجديد
بوشعيب الحرفوي

تم مؤخرا بمقر العمالة تنصيب عامل جديد على إقليم بنسليمان ، في اطار حركية المسؤولين بالإدارة الترابية التي قامت بها وزارة الداخلية من اجل اعطاء نفس جديد وخلق دينامية تدبيرية لتطوير والنهوض بالأقاليم وتحسين عيش المواطنين.
واذا كان إقليم بنسليمان أمامه فرصة ذهبية للنهوض والرقي بأوضاعه، بعد ان حضي بفتح اوراش تنموية وإنجاز مشاريع ملكية ووطنية كبرى تتمثل في بناء الملعب الكبير فوق ترابه، وتشييد بنية تحتية مهيكلة مواكبة في اطار احتضان بلادنا لكأس العالم 2030 لكرة القدم. ومما لا شك فيه أن هاته المنشآت والمشاريع ستكون لها انعكاسات تنموية على الساكنة من خلال خلق فرص الشغل وتحسين البنية التحتية من طرقات وتوفير وتجويد خدمات النقل العمومي بمختلف أنواعه…
غير أن هناك تحديات كبيرة تنتظر الحلول من طرف عامل الإقليم الجديد حتى لا تكون عائقا أمام رهانات المشاريع الملكية والوطنية التي يعرفها الإقليم.
ومن بين هاته التحديات التي تتطلب اهتماما وتدخلا من طرف المسؤول الاقليمي نجد مشكل تواجد العديد من المقالع بتراب الاقليم والتي لا طالما كانت مصدر قلق وإزعاج الساكنة المجاورة بسبب ما تتسبب فيه من أضرار صحية وبيئة وفلاحية وتدمير للفرشة المائية و للطرقات، علما ان البعض من هاته المقالع تشتغل بشكل عشوائي دون حسيب ولا رقيب وفق افادة الساكنة المجاورة المتضررة التي في كثير من الأحيان كانت تجد نفسها مضطرة للخروج والاحتجاج على هذا الوضع غير السليم لنشاط المقالع ولإسماع صوتها للمسؤولين لكن دون جدوى.
وارتباطا بمشاكل المقالع تطفو على السطح كذلك مخاطر وأضرار المئات من الشاحنات الكبيرة ذات الأوزان الثقيلة التي تشتغل بها والتي تمر وسط المدينة وكانت سببا في تدمير وتدهور العديد من الطرقات سواء داخل المدينة أو بالطرقات المؤدية إلى المدن المجاورة، وتسببت في حوادث السير الخطيرة والمميتة. الشيء الذي يتطلب من عامل الإقليم التدخل لإعادة إحياء مشروع الطريق المداري الخاص بتنقل شاحنات المقالع بعيدا عن وسط مدينة بنسليمان والذي تمت المصادقة عليه خلال إحدى دورات المجلس الإقليمي السابق، وتم إقباره لأسباب غير مفهومة؟ ليبقى مشكل شاحنات المقالع مصدر إزعاج للساكنة، وسببا في تردي وتدهور الطرقات.
ومن بين التحديات التي لها طابع استعجالي وتنتظر تدخلا عاجلا من طرف عامل الإقليم نجد وضعية المراكز الحضرية خاصة مدينتي بنسليمان وبوزنيقة اللتين تتطلبان إعادة التأهيل والهيكلة، في أفق حدث تنظيم كأس العالم لكرة القدم ببلادنا.
فمدينة بنسليمان تعاني من الفوضى والعشوائية، ومن طابع الترييف، علما انها عرفت مؤخرا توسعا عمرانيا في إطار إحداث سكنيات جديدة شابت عملية الترخيص لها عدة اختلالات، ولم تراع فيها احتياجات ومطالب الساكنة من خدمات إدارية وصحية وخدمات النقل العمومي والنظافة… ومازالت بها بعض المشاريع العالقة والتي صرفت عليها اموال مهمة، دون أن يستفيد من خدماتها المواطن السليماني كالسوق والمسبح البلديين ومحطة الطاكسيات و السوق النموذجي الخاص بالباعة الجائلين والتأخر في انجاز “تجزئة العمران” التي تحولت الى مزبلة تشوه المجال البيئي والعمراني، بالإضافة إلى الإهمال الكبير الذي طال فضاءاتها الخضراء التي تحولت إلى أماكن قاحلة، تلاشت مرافقها وأتلفت بنيتها التحتية واغراسها. ناهيك عن تدهور مجال النظافة والانارة العمومية وعدم تنظيم حركة السير والجولان بسبب غياب التشوير في بعض الاماكن والفوضى التي يتسبب فيها اصحاب الكوتشيات.
اما منطقة الأنشطة الصناعية والتي كان من المفروض ان تقوم بتشغيل العديد من اليد العاملة المحلية، فإنها استغلت سابقا في الحملات الانتخابية، وزاغت عن أهداف إحداثها، بعد ان شابت انشطتها عدة اختلالات وخروقات واستغلت في اغراض غير تلك التي أقيمت من اجلها، مما يتطلب من المسؤول الاقليمي الجديد فتح هذا الملف لإرجاع الامور الى نصابها ومعالجة الاختلالات.
نفس الشيء يمكن ان يقال عن مدينة بوزنيقة التي تتميز بموقع استراتيجي وبمؤهلات طبيعية جميلة تتمثل في واجهة بحرية جميلة ومميزة وبشاطئ شاسع وجميل لكن بسبب الاهمال والتهميش لم يتم استغلال هاته المؤهلات للنهوض بأوضاعها. فالشاطئ تم استغلال فضاءاته بشكل بشع، حيث تم احتلال الممرات المؤدية اليه من طرف أصحاب الكابنوات العشوائية، وتمت إقامة محلات تجارية عشوائية به، مما أدى إلى تشويه جماليته. بالإضافة إلى ان مدينة بوزنيقة عرفت توسعا عمرانيا بسبب تناسل التجزئات السكنية، لكنها ظلت تفتقر لمرافق عمومية فنية ورياضية وثقافية ومساحات خضراء ببعض الأماكن وكذا افتقار أحيائها لأسواق نموذجية لخلق رواج تجاري بالمدينة، وتسهيل عملية التبضع لساكنتها، خاصة أن المدينة تعد قبلة للزوار خلال فصل الصيف، مما يتطلب إعادة النظر في تأهيل الطرق المؤدية إلى الشاطئ التي تعرف ازدحاما واختناقا في حركة السير والجولان عند القنطرة المتواجدة فوق السكة الحديدية قرب مركز التكوين المهني وتجزئة الكتاني.
وعلى المستوى الصحي، فإن المواطن السليماني يعاني معاناة كبيرة بسبب توقف العمليات الجراحية بالمستشفى الإقليمي منذ يوليوز 2024 بسبب عدم وجود أطباء مختصين في التخدير والإنعاش، وتوقف العقد المبرم بين طبيب التخدير والإنعاش الذي كانت يربطه عقد شغل مع المندوب الإقليمي للصحة وجمعية البحيرة السليمانية في إطار التعاقد مع الأطباء الاختصاصيين من القطاع الخاص، مما يتم توجيه المرضى إلى المستشفيات العمومية بالمدن المجاورة بالرباط والدارالبيضاء قصد التطبيب والعلاج، الشيء الذي يزيد من معاناتهم في تكاليف التنقل والعلاج.
وبالوسط القروي والجماعات المتواجدة على الهامش، فإن هناك فوارق مجالية وخدماتية ملحوظة بين بعض الجماعات المحظوظة وأخرى التي تئن تحت وطأة التهميش والإهمال، حيث مازلت هذه الأخيرة تعاني من غياب البنية التحتية من مسالك وكهرباء وماء صالح للشرب، ومع حلول فصل الصيف تجد ساكنة هذه الجماعات مهددة بالعطش، إذ يضطر السكان إلى قطع مسافات طويلة لجلب الماء ونخص بالذكر جماعة بئر النصر وسيدي بطاش وأحلاف…هاته الجماعات ظلت تعاني من انعدام تكافؤ الفرص والاستفادة من الدعم المخصص للإقليم بسبب حسابات سياسية وانتخابية ضيقة، مما اضطر ساكنة هاته المناطق إلى الهجرة بحثا عن عيش كريم.
ويعاني شباب الإقليم من ارتفاع في نسبة البطالة، حيث نجد اعدادا كبيرة منهم بدون شغل سواء حاملي الدبلومات أو الشواهد الدراسية أو الشباب بدون شواهد مدرسية وذلك بسبب غياب فرص الشغل وعدم وجود معامل وشركات خاصة بعاصمة الإقليم مدينة بنسليمان، باستثناء وجود القليل من الشركات بمدينة بوزنيقة والتي لا تكفي لاستيعاب العدد المتزايد من الشباب العاطل، الشيء الذي ينبغي معه التفكير في إيجاد الحلول لهذا المشكل من خلال إعادة النظر في أنشطة المنطقة الصناعية وكذا التفكير في قطب صناعي لخلق فرص الشغل للعاطلين. بالإضافة إلى مشكل النقل العمومي الحضري وما بين الحضري الذي حسب بعض المصادر أنه سيجد طريقه إلى الحل في القريب العاجل.
والعائق الأكبر على المستوى السياحي هو عدم وجود بنيات استقبال سياحية من فنادق ونوادي سياحية، علما أن المدينة اعتبرت وأريد لها أن تكون مدينة سياحية، وهو شيء جميل وذلك بالنظر إلى هوائها النقي ومؤهلاتها الطبيعية المتمثلة في وجود غابة الفلين الشاسعة، لكن دون إنشاء وتوفير مرافق سياحية في مستوى زوارها، الذين يحجون إليها خاصة في فصل الربيع للاستمتاع بمناظرها الخلابة، دون أن تنعكس هذه العملية على المدينة وعلى الجماعات المجاورة بسبب عدم تهيئ فضاءات ومرافق سياحية تذر مداخيل على هاته الجماعات.
والجدير بالذكر، أن إقليم بنسليمان يتميز بموقع اسراتيجي وبمؤهلات طبيعية خلابة وهواء نقي وبأراضي فلاحية خصبة وبتواجد أودية تمر بترابه وبمناطق سياحية وببنيات تحتية مهيكلة (مطار، السكك الحديدية، طريق سيار…لكن هذه المقومات والمؤهلات لم تستغل بالشكل الأمثل لخلق تنمية حقيقة والنهوض بأوضاعه ليبقى الإقليم يتخبط في مجموعة من المشاكل البنيوية التي تعيق تطوره.
وللإشارة فإن عامل الإقليم الجديد شرع مؤخرا في عقد اجتماعات متتالية مع كل أعضاء المجلس الإقليمي ورؤساء المصالح الخارجية وأعضاء المجالس المنتخبة من اجل الإطلاع على أهم القضايا والمطالب المطروحة وكذا لرسم معالم خارطة الطريق للنهوض بأوضاع الإقليم وفق ما أشارت إليه بعض المصادر التي حضرت هاته الاجتماعات. وتأمل ساكنة الإقليم في أن يتم الاهتمام بمشاكل الإقليم والعمل على النهوض بأوضاعه لتحقيق التنمية المنشودة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *