هل أحزابنا مستقلة في قراراتها؟

هل أحزابنا مستقلة في قراراتها؟
عبد العزيز شبراط

من الصعب جدا إقناع المغاربة بالتصويت في الاستحقاقات القادمة؛نظرا لتعثر الحكومة الحالية للاستجابة لحاجات وحاجيات المواطنين؛ خصوصا الطبقة المتوسطة والطبقات المسحوقة الذين ذاقوا الويلات أكثر من أي وقت مضى منذ تولي هذه الحكومة تسيير وتدبير شؤون هذه البلاد؛كما يصعب منح الثقة من جديد للحزب الذي يقودها والاحزاب الاخرى التي تمشي خلفه؛خصوصا عقب فشلهم الذريع الذي ظهر للعيان في مواجهة وباء كورونا؛والفضائح التي ارتكبها بعض المنتسبين الى هذا الحزب أو ذاك.
وهكذا؛ يكون المغاربة قد جربوا كل الالوان الحزبية؛ يمينا ويسارا ومتأسلمون، لكنهم عبروا على امتداد الولايتين السابقتين عن عدم الرضى كما عبروا عن السخط الكبير من ممارسة وخطابات الجميع؛ كما عانوا من تعرضهم للاحتقار والدونية من بعضهم وفي مناسبات عدة؛هل سينسى المغاربة ذاك الذي صاح في وجوههم من داخل قبة البرلمان:” اللي عاطينا اختو ايجي يديها” ما ألف المغاربة أن يخاطبوا بمثل هذا الأسلوب المنحط.
ما العمل إذن؟ هل نقاطع الانتخابات أم نكررالتجارب السابقة؟ ونظل كحمير السانية، ندور في نفس المكان معتقدين أننا نسير الى الأمام، فيما نحن في واقع الأمر ندور في أمكنتنا؟.
لا هذا ولا ذاك، على جميع المغاربة أن يذهبوا وبكثافة للتصويت يوم الاقتراع؛ وأن يتذكروا وهم وحيدين داخل المعزل؛ كل تلك السنوات الماضية التي ذاقوا فيها كل الويلات والمعاناة؛والقهر والحرمان والاضطهادات؛ثم يفكرون ألف مرة قبل الاستقرار على الاختيار؛ولكن كيف سيستقر رأيهم عن حسن الاختيار إن لم يجدوا من يقنعهم للتصويت عليهم واختيارهم؟ هل سيكونون مجبرين على إعادة نفس التجربة مرة أخرى؟ أم يقاطعون مقاطعة تعبيرية برمي الاغلفة فارغة ؟ هنا تكمن المشكلة؛ ويلزم التفكير فيها قبل يوم الاقتراع؛ والتحضير لها بشكل جيد أثناء الحملات الانتخابية للاحزاب التي ستشارك في العملية؛وفي هذا المجال يفترض أن يكَوِّنوا لُجينات على مستوى الأزقة والأحياء؛ وأن يتقاسموا الافكار و النقاش والتداول وتبادل الآراء كما يفعلون على مواقع التواصل الاجتماعي؛ حول الاحزاب التي تقدم أحسن العروض، وأشرف الممثلين وأنزههم؛ ولا يغرنكم أموالهم أو جاههم؛ و لا تصوتوا على ذوي التجارب الفاشلة السابقة؛اختاروا الاحزاب التي لم يسبق لها أن ساهمت في الكوارث السابقة،كما على المغاربة أن يتعلموا كيفية عقاب الأحزاب التي لا تف بما التزمت به أثناء حملاتها الانتخابية؛علينا جميعا أن نتحمل المسؤولية وننخرط بوعي في العملية؛ لأننا الطرف الفاعل الحقيقي في عملية االإقتراع؛فبدون أصواتنا تختل العملية الديمقراطية؛ وبدون أحزاب ليس هناك ديمقراطية؛ فالحل إذن للتغيير هو الانخراط المكثف وحسن الإختيار؛ للوقوف سدا منيعا في وجه كل الفاسدين والمفسدين؛ فلا أحد يستطيع محاربة الفساد إلا المكتوون بناره؛والذين ذاقوا عذابه وويلاته و تجرعوا آثاره السلبية.
إن الرجعية تتخذ عباءات متعددة الألوان، وقد تجعل من الخلافات البسيطة مركزا لإلهاء الناس وتحويل انتباههم الى الجزئيات عوض الأساسيات؛ كاستعمال العواطف أو الشعائر الدينية أو المقدسات؛إن ما يهمنا في الدنيا يجب أن يكون واضحا وشفافا، وما يهمنا في الآخرة نعلمه أكثر من غيرنا؛ لأنه قائم بيننا وبين خالقنا؛ ولا حاجة لنا لوسيط بيننا وبين مولانا؛ففي جميع الأحوال يلزمنا القيام بالواجب والتصويت؛ واختيار من يقدمون أقل الأضرار على الأقل؛ ولا نترك المجال فارغا ليعبث فيه أعداء الديمقراطية.
لكن من جانب أخر، لا بد للأحزاب التي لم يسبق لها أن تحملت مسؤولية تدبير وتسيير الشأن العام بالبلاد، سواء على مستوى الحكومة أو على مستوى البرلمان أو الجماعات المحلية؛ أن يختاروا من مناضليهم أحسنهم وأشرفهم؛ عوض الالتجاء الى أصحاب المال وتشويه وجه أحزابهم؛كما عليهم الاجتهاد في صياغة برامج يمكن تطبيقها؛ عوض اقتراح برامج يدركون جيدا أنها صعبة التطبيق ويعرفون جيدا أنها ستتعرض للبلوكاج؛ أو هي فقط مستنسخة من جهات أخرى و تفتقد الأرضية الصلبة التي ستحميها وتدعمها من السقوط.
فالمغاربة لم يعد وعيهم كما في السابق بسيطا؛ولا معرفتهم بالأمور السياسية و معلوماتهم محصورة ومحاصرة كما في الماضي؛ لقد ساهمت التكنولوجيا الرقمية وخصوصا مواقع التواصل الاجتماعي في تغيير نظرتهم للعديد من الأمور؛ وعلى رأس ذلك السياسة وقواعد التسيير والتدبير؛ لهذا على الاحزاب الجادة؛ أن تقدم للترشح نسبة كبيرة من الشباب المسلح بالتكنولوجيا الرقمية؛ والقادر على فهم المستقبل القريب والبعيد لتطويع قدرات بلادنا على هذا الأساس والخروج بها من براثين التخلف.
هذا جزء من الكل وسنعود الى تفاصيل أخرى بهذا الشأن.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *