مدينة الفنيدق والانتخابات المقبلة : التاهيل والتهميش في ميزان المنتخبين

مدينة الفنيدق والانتخابات المقبلة : التاهيل والتهميش في ميزان المنتخبين
مجلة 24: محمد عزوز

 

ستعرف مدينة الفنيدق في غضون شهور تنظيم انتخابات جماعية وتشريعية وجهوية على غرار باقي ربوع الوطن، لكن المثير للانتباه في هذه المدينة ونحن على مشارف هذه الاستحقاقات ، هو ان هذه الأخيرة ستجرى في ظروف خاصة واستثنائية تمر منها المنطقة والنواحي ، والتي تعاني من أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة غير مسبوقة ، والتي جاءت اساسا بعد اغلاق معبر باب سبتة وما تبعه من قرارات إدارية واقتصادية ذات ابعاد عميقة واستراتيجية تزامنت مع الحالة الوبائية وظروف الحجر الصحي ، كل هذه العوامل مجتمعة ادت الى مناخ صعب يسوده احتقان اقتصادي واجتماعي أدى إلى ردود افعال شعبية شهدتها مدينة الفنيدق في بداية هذه السنة من احتجاجات واعتصامات ، وهو أمر طبيعي في مدينة تعيش شلل اقتصادي بسبب اختلال ميزان القوى في بنياتها السوسيو اقتصادية نتجت عنه اختلالات بنيوية في نسقها العام ومنظومتها الاجتماعية والثقافية ، هذا الوضع تزامن كذلك مع مناخ جيوستراتيجي جديد في العلاقات المغربية الإسبانية وفي التحولات التي تعرفها العلاقات الدولية بين شمال افريقيا والاتحاد الاوروبي ، الأمر الذي حول منطقة باب سبتة ومضيق جبل طارق الى بؤر لها امتدادات في مستقبل إعادة تنظيم وتوزيع الادوار بين الاقطاب السياسية والاقتصادية دوليا. هذه السيرورة كذلك حولت المنطقة إلى واجهة دولية للاحداث وتصدرت نشرات الأخبار في المحطات والقنوات والمواقع الوطنية والجهوية والعالمية.
في إطار كل هذه السياقات تحولت الفنيدق الى بؤرة للاحداث في عمقها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وحتى الدبلوماسي ، كل هذا في ظرف وجيز تسارعت فيه الاحداث بشكل لم يسبق له مثيل ، تداخل فيه الاقتصادي والاجتماعي بالسياسي ، وتزامنت مطالب التنمية المحلية وتاهيل المنطقة مع خصوصيات صراع سياسي واستراتيجي استثنائي مع الجارة الشمالية . اذن في هذا الوضع الاستثنائي مدينة الفنيدق في حاجة إلى نخبة محلية قادرة على مجاراة الأحداث وعلى اخراج المدينة من هذه المرحلة الانتقالية وبأقل الخسائر ، وبعيدا عن منطق ان السلطة هي التي بيدها القرار وان القرارات الاستراتيجية تحددها الدولة العميقة باجنحتها واجهزتها ومؤسساتها …. فإننا نقول و نعلم جيدا من له سلطة القرار في الدولة المغربية خصوصا على مستوى الاستراتيجيات الكبرى على المستوى الاقتصادي والديبلوماسي والسياسي ، لككنا نحن هنا نتحدث فقط عن دور الفاعل السياسي الذي تتطلبه خصوصيات المدينة ، بل وما دور المتخب الجماعي او الإقليمي او التشريعي في منطقة حدودية عاشت ولا زالت تعيش غليانا غير مسبوق وعلى جميع الأصعدة… اذن فالمجتمع المدني والاعلام والاحزاب السياسية المحلية عليها كذلك تحمل مسؤوليتها التاريخية في هذه المرحلة الدقيقة ، وحينما نتحدث عن الأحزاب السياسية فإننا نتكلم بالضرورة عن مشاريع سياسية لها ابعاد اقتصادية واجتماعية عميقة لتأهيل المدينة وانقاذها بعيدا عن أساليب الديماغوجية والمزايدات ومظاهر الوصولية والانتهازية والأنانية الضيقة، نريد منتخبين لهم قدرة على التواصل والترافع على مدينة تعيش أسوأ مرحلة في تاريخها ، نريد كذلك نخبة سياسية لها ما يكفي من الشجاعة الفكرية والسياسية لقول الحقيقة ومواجهة واقع المرارة بالمدينة ، نريد منتخبين يتوفرون على الحد الادنى من المصداقية والنزاهة الفكرية والسياسية بتمثيل المدينة امام المسؤولين وكل الفاعلين وطنيا و دوليا ، نسعى كذلك لأن تساهم الانتخابات المقبلة في تشكيل مؤسسة منتخبة محلية في مستوى التحديات والتطلعات ، ولها من الامكانيات ما يؤهلها لتقديم اجابات عملية وميدانية على التساؤلات الكبرى الذي تطرحها مقتضيات مرحلة انتقالية صعبة تمر منها مدينة الفنيدق، وبناء على كل هذه التطلعات المطلوب من كل من له ذرة من الغيرة على هذه المدينة ، ان يتحلى اولا بقيم التضحية والبذل والعطاء ونكران الذات من اجل الانقاذ ولا شيء غير الانقاذ ، لذلك فإنه واذا لم تكن الانتخابات المقبلة محطة للتفكير الجماعي في إيجاد سبل لفرز فريق عمل سياسي يشرف المدينة على جميع المستويات ويسعى إلى بلورة رؤى وتصورات عملية وعميقة لتنمية المدينة وتفعيل وتنشيط بنياتها الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية التي عاشت لعقود على ايقاع العشوائية و الفوضى واللامشروعية …فاننا من الان نقول لجميع من له هاجس اللوائح الانتخابية فقط بان المشهد السياسي التقليدي بالمدينة اذا سار على نفس المناهج القديمة فإن مزبلة التاريخ ستكون هي المصير …..بل وسنكون جميعا بعد سنين او عقود عرضة لاكبر نكتة وضحكة بالفنيدق لأننا اخلفنا الموعد مع التاريخ والجغرافية والتربية الوطنية.
ولله في خلقه شؤون.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *