كل الأحزاب تسعى للحصول على المقدمة!

كل الأحزاب تسعى للحصول على المقدمة!
عبد العزيز شبراط

يعتمد حزب العدالة والتنمية هذه الأيام خطابا مبطنا؛يبدو في ظاهره بريئا؛ غير أنه يحمل في أحشائه خطابا خطيرا مُوَجِّها بالأساس ليس إلا؛ العديد من قيادي الحزب بما فيهم الأمين العام؛ كرروا مرارا وتكرارا وفي مناسبات عدة؛أن بعض الجهات عوض أن تصب النقاش حول الآليات و الأدوات التي ستضمن لنا نزاهة وشفافية الانتخابات؛تركز فقط عن عدد المقاعد التي سيحرزها حزب العدالة والتنمية وهل سيحرز المرتبة الاولى أو الثانية؛هذا الخطاب في نظرته البديهية يبدو وكأنه بريئا من أي خلفية؛فيما سعيه الحقيقي نشر وهم “بعبع” العدالة والتنمية للناخبين؛بمعنى أن كل الأحزاب الأخرى ترى فيه الحزب القوي الذي سيكتسح الساحة؛ ولن يترك للأخرين إلا المقاعد التي سيتنازل عنها هو بشكل طوعي-كما يحاول نشر ذلك- ؛ هذا الخطاب سيكون له تأثير سلبي على الناخبين عديمي التجربة أو حديثي العهد بالسياسة وتعرجاتها؛المنطق إذن؛ هو أن كل الأحزاب التي تشارك في الانتخابات تسعى للفوز بالمرتبة الأولى مبدئيا؛كما همها الأساسي هو قيادة الحكومة؛إذن لماذا اعتماد أمر بديهي كهذا؛وإعادة تكرارها مرارا؛ و محاولة جعل الحديث حوله لا يجوز!
من جانب أخر؛ هذا الخطاب يحول وجهة نظر الناخبين؛ من اعتبار أن الأحزاب ببلادنا متساوية ومتكافئة ولا فرق بينها إلا في اختلاف برامجها؛ الى وجهة نظر اقصائية؛بمعنى سيقرر الناخب مع نفسه التصويت على حزب قوي عوض هدر صوته وإعطائه الى حزب لن يحصل على العدد الكافي من المقاعد ليكون ممثلا في الحكومة؛ مفضلا أن تكون الحكومة القادمة مكونة من ثلاث أحزاب أو أقل؛ عوض هذا الفسيفساء من الأحزاب وهو ما ينتج عنه عدد كبير من الحقائب الوزارية؛التي تؤدي الى تعارض المصالح و خلق عدم الانسجام؛ كما هذا الوضع يسمح بمحاسبة الحكومة ومعاقبة تلك الاحزاب في الانتخابات الموالية؛ إن هي لم تلتزم بما تعاقدت به مع الناخبين؛ويبقى مثل هذا الخطاب مجردا من الحقيقة ويدفع بالكتلة الناخبة الى التركيز على القشور؛ عوض التركيز على البرامج و من خلالها يقارن بين هذا الحزب و ذاك.
صحيح أن التقليل من الأحزاب في الاتلاف الحكومي محبذا؛ ولكن لا يجب أن يكون مفبركا ومصنوعا لغرض اكتساب المصالح الضيقة جدا.
ففي غياب الحزب الثوري ببلادنا كما هو متعارف عليه؛ حزب تكون قاعدته الطبقة العاملة و العمال الفلاحيين والزراعيين ؛تبقى جميع الأحزاب ببلادنا متشابهة؛ ما دامت كلها لا تستطيع تطبيق الحد الأدنى من برامجها الانتخابية؛ التي على أساسها تعاقدت مع الكتلة الناخبة ومن تم مع المواطن؛ فإذا كان الحزب يتعاقد مع الناخبين على برنامج ما؛ وحينما يتحمل المسؤولية الحكومية؛ يخل بالتعاقد إياه؛فلا يحق له في جميع الأحوال تقديم تبريرات بعدم تطبيق مكوناته؛ أو التهرب من المحاسبة تحت ذرائع واهية.
ففي الوقت الذي تنادي فيه مجموعة من الأصوات؛ الى اعتماد الصدق والنزاهة والشفافية عند مخاطبة المواطن؛لإعادة المصداقية للفعل الحزبي من أجل محاربة العزوف على الانتخابات؛ها نحن أمام خطاب جديد وذكي لاستعمال الدبشخي وتغليط الناخبين والزج بهم في متاهات لا حدود لها.
المطلوب اليوم من كل الأحزاب المغربية أن تعتمد الصدق؛ وتتصارع على برامج جادة مدروسة وقابلة للتطبيق؛ والابتعاد عن اعتماد منطق التنابز والتلاسن المجاني وإقصاء الأخر؛بلادنا اليوم في حاجة الى برامج جريئة وعلمية؛ تستجيب للواقع؛ وتكون قادرة على إعادة الثقة للمواطن؛ في مؤسساته واحترامها عوض تبخيسها واحتقارها.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *