خبير: دعم مغربية الصحراء خيار استراتيجي لا غنى عنه لجنوب إفريقيا من أجل حماية مصالحها

قال عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش رئيس المركز الدولي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، إن “الموقف المعلن من طرف الرئيس السابق لجنوب إفريقيا زعيم حزب “رمح الأمة”، من خلال إقراره بمغربية الصحراء ودعمه لمبادرة الحكم الذاتي، “لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتباره موقفا يدخل في إطار الصراعات السياسية الداخلية بين هذا الحزب المعارض والحزب الحاكم في هذا البلد”.
وأضاف البلعمشي، في تصريح صحفي، أن “موقف هذا الحزب الذي يتزعمه جاكوب زوما يعد قراءة جيدة للأحداث السياسية والدبلوماسية على المستوى الدولي، وقراءة جيدة أيضا لطبيعة التوازنات القائمة داخل القارة الإفريقية، وتحديدا في شمال إفريقيا”، مضيفا أن “زوما يعد رمزا من الرموز السياسية في جنوب إفريقيا، خاصة وأن النظام السياسي في هذا البلد يعتمد على الرموز والشخصيات السياسية، منذ بعض القيادات التي رسمت التاريخ السياسي لهذا البلد كنيلسون مانديلا وبعض الشخصيات الأخرى، أضف إلى ذلك أيضا أن الأحزاب لها أهمية داخل المشهد السياسي الجنوب إفريقي”.
وشدد المتحدث على أن “دعم الحزب لمخطط الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية ينمّ عن وعي سياسي متنام بضرورة تحقيق مصالح جنوب إفريقيا والتكامل مع المغرب؛ كون البلدين من أهم المستثمرين في القارة الإفريقية من جهة، ومن جهة أخرى كون بريتوريا لا بد لها، حتى من الناحية الاقتصادية، أن تبني علاقات جيدة مع المملكة المغربية، على اعتبار المنافسة الدولية المتزايدة على إفريقيا، وعلى اعتبار ما راكمه المغرب من بنية تحتية داخل إفريقيا، التي أصبحت ضرورية لكل شركاء الرباط الحاليين، وكذا المستقبليين أو المحتملين”.
وأكد الأستاذ الجامعي أن “الموقفين البريطاني والأمريكي، وقبلهما مواقف مجموعة من الدول والقوى الإقليمية والدولية كفرنسا وإسبانيا وغيرهما، والمكاسب التي حققها المغرب في ملف وحدته الترابية، كلها عوامل أثرت بشكل كبير في الرأي العام داخل جنوب إفريقيا، وفي بروز نخب سياسية وحزبية تنادي علنا بمراجعة الدعم الجنوب إفريقي للطرح الانفصالي، الذي يظل موقفا سياسيا لا يخدم أي مصلحة لجنوب إفريقيا، سواء من الناحية الاقتصادية أو من ناحية الإشعاع الذي تطمح إليه على المستوى القاري”.
وأبرز أن “بريتوريا، موضوعيا، بحاجة إلى التقارب مع الرباط، ثم إن المدخل إلى هذا التقارب، وفق ما أكده جلالة الملك محمد السادس، هو الموقف من قضية الصحراء”، موردا أن “مشروع المبادرة الأطلسية، التي لقيت ترحيبا دوليا، ومشروع أنبوب الغاز المغربي-النيجيري، إلى جانب مبادرات أخرى، تفرض على جنوب إفريقيا حلين لا ثالث لهما: فإما الانخراط في هذه الدينامية التي يخلقها المغرب في القارة، وبالتالي تحقيق مكاسب واستفادة مشتركة، أو أن تظل في موقف رافض ولا تحقق أي مكاسب أو طموحات عملية”.
وسجل رئيس المركز الدولي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات أن “هناك مجموعة من المؤشرات لقرب خروج بريتوريا بموقف داعم لسيادة المغرب على صحرائه، لعل أبرزها تفاديها التعبير الرسمي عن احتجاجها ورفضها للمواقف الدولية المعبر عنها مؤخرا من طرف العديد من الدول، مثلما فعلت الجزائر بعد موقف مدريد ولندن وباريس وواشنطن، ما يعني عمليا رفضها الانجرار وراء المواقف الجزائرية. إضافة إلى الأوضاع الجيو-استراتيجية في المنطقة، ووجود توجه عام داخل القارة لتغليب التنمية والمصالح الاقتصادية، والسعي إلى التكامل والاندماج القاري في سبيل دعم المواقف التفاوضية لجنوب إفريقيا تجاه القوى الدولية المختلفة، وهو ما قد يدفع صناع القرار في بريتوريا إلى إعادة تقييم مواقفهم وسياساتهم الحالية على ضوء كل هذه التحولات”.