خبير: دعم بريطانيا للحكم الذاتي تحول كبير في مسار قضية الصحراء المغربية

قال الوارث الحسن، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، إن إعلان المملكة المتحدة دعمها الرسمي والصريح لمخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب عام 2007، يمثل نقطة تحول جوهرية في مسار تسوية النزاع حول الصحراء المغربية، ويفتح المجال لمرحلة جديدة من الحسم السياسي والدبلوماسي.
وأوضح الوارث، أن هذا الموقف يعكس اصطفافا واضحا لبريطانيا خلف الشرعية الدولية، التي باتت تعتبر أن مقترح الحكم الذاتي هو الحل الأكثر واقعية ومصداقية وقابلية للتطبيق، وهو ما أكدته الخارجية البريطانية عند إعلانها يوم 1 يونيو 2025 أن هذا المخطط يشكل “الأساس الواقعي والجاد من أجل تسوية نهائية لهذا النزاع الإقليمي”.
وابرز الدكتور الوارث أن مطلب الاستفتاء الذي ترفعه الأطراف المناوئة للمغرب بات متجاوزا وغير قابل للتطبيق، وأن الاعتراف البريطاني يأتي في سياق منطقي بالنظر إلى عمق العلاقات التاريخية التي تجمع المملكتين، والتقارب السياسي والدستوري بين نظامين ملكيين عريقين، كما يرى أن هذا الموقف يندرج ضمن زخم دولي استثنائي، يضم أكثر من 117 دولة عضو في الأمم المتحدة تعلن دعمها الصريح لسيادة المغرب على صحرائه، مما يعزز الشرعية القانونية والسياسية لمقترح الحكم الذاتي، ويفقد الطروحات الانفصالية أي مشروعية دولية.
وشدد المحلل السياسي على أن البعد الاقتصادي لا يقل أهمية عن البعد السياسي في هذا الاعتراف، إذ أن بريطانيا لم تكتف بالتعبير عن موقفها الداعم، بل أعلنت عن مشاريع اقتصادية كبرى مرتقبة في الأقاليم الجنوبية للمملكة، ما يعزز مكانة المغرب كبوابة استراتيجية بين الشمال والجنوب، ويفند مزاعم التشكيك في مغربية الصحراء.
ويضيف أن هذه الدينامية الاستثمارية تؤكد، بما لا يدع مجالاً للشك، أن الصحراء المغربية ليست أرضا متنازعا عليها، بل جزء لا يتجزأ من التراب الوطني، كما تقره عناصر السيادة في القانون الدولي.
كما يدعو الوارث إلى استثمار هذا الزخم الدولي المتصاعد في أفق القرار الأممي المرتقب في أكتوبر 2025، مشددا على ضرورة أن يجسد هذا القرار الإرادة الدولية الواضحة، وأن يحمل موقفاً حاسماً يكرس مغربية الصحراء ويضع حدا نهائيا لهذا النزاع الإقليمي الذي طال أمده، ويرى أن مسؤولية الحسم أصبحت اليوم مسؤولية أممية بامتياز، تتطلب جرأة في اتخاذ موقف يعكس التحولات الجيوسياسية القائمة.
ويختم الوارث تحليله بالتأكيد على أن المغرب مطالب اليوم بمضاعفة جهوده الدبلوماسية من أجل كسب تأييد الصين وروسيا، بعدما نجح في ضمان دعم واضح من ثلاث قوى كبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن، هي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
ويعتبر أن حضور المغرب المتقدم في القارة الإفريقية، ونجاحه في بناء شراكات تنموية مع عدد كبير من الدول، يؤهله لنسج علاقات أعمق مع بكين وموسكو، بما يسمح بتحويل موقفهما من الحياد الإيجابي إلى دعم فعلي لمخطط الحكم الذاتي، في أفق إنهاء هذا النزاع بشكل نهائي.