انتخابات 2026: بين الرهانات السياسية والتحديات المستقبلية

تقترب محطة 2026 الانتخابية في سياق سياسي وطني ودولي يتسم بكثرة التحولات وتسارع التحديات. وإذا كانت الانتخابات لحظة حاسمة في تكريس الممارسة الديمقراطية وتجديد النخب السياسية، فإن السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه اليوم هو: من يستطيع فعلا أن يمتلك القدرة والكفاءة لتدبير ما بعد هذه الاستحقاقات؟
في خطاب عيد العرش لسنة 2025، وضع جلالة الملك محمد السادس نقطة فاصلة في الزمن السياسي المغربي، بتأكيده الحاسم على أن الانتخابات التشريعية المقبلة ستُجرى “في موعدها الدستوري والقانوني العادي”، دون تأجيل أو تبديل، مع ضرورة اعتماد المنظومة القانونية المؤطرة قبل نهاية العام الحالي، وتكليف وزير الداخلية بفتح باب المشاورات السياسية لإنجاح هذا الاستحقاق .
وفي متابعة فورية لهذه التوجيهات الملكية، عقد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت يوم 2 غشت 2025 اجتماعين متتاليين مع أمناء قادة جميع الأحزاب السياسية، بهدف تشجيعهم على تقديم مقترحاتهم حول الإطار القانوني للانتخابات، وذلك في أجواء تشاورية ومسؤولة . وقد تم الاتفاق على أن توفر الأحزاب اقتراحاتها قبل نهاية غشت، تمهيداً لعرضها خلال الدورة التشريعية الخريفية، بهدف اعتمادها قبل متم السنة .
إن هذه الخطوات الملكية والسلوك الرسمي المؤسّسي تشكّل مرجعية فارقة في الإعداد لانتخابات 2026، وترسّخ مبدأ الشفافية السياسية والحوار كقاعدة للتسيير الديمقراطي.
إن المحددات التي ستساهم في إفراز نتائج انتخابات 2026 ليست تقنية فحسب، بل تتعلق أساساً بالقدرة على صياغة برامج واقعية، قابلة للتنفيذ، ومبنية على استشراف التحديات المستقبلية. المواطن اليوم لم يعد يكتفي بالشعارات العامة أو الوعود الانتخابية الفضفاضة، بل يبحث عن مشروع متكامل يجيب عن أسئلته الحقيقية: التشغيل، العدالة الاجتماعية، الخدمات العمومية، والقدرة الشرائية.
وعليه، فإن النجاعة السياسية المطلوبة بعد 2026 لن تتحقق إلا عبر توافر إرادة قوية لدى الفاعلين السياسيين، مقرونة بجرأة إصلاحية، وبقدرة على إعادة بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات. ذلك أن رهانات المرحلة المقبلة لا تقتصر على إدارة التوازنات السياسية، وإنما تتجاوزها إلى استيعاب التحولات الاقتصادية العالمية، واستشراف تداعيات الرقمنة، وضمان استدامة التنمية في ظل المتغيرات المناخية والبيئية.
إن انتخابات 2026، بما تحمله من دلالات، ستكون اختبارا حقيقيا لمدى قدرة الأحزاب والنخب السياسية على الانتقال من منطق الوعود إلى منطق الإنجاز. فالمستقبل لن يكون للأكثر حضوراً في الحملات الانتخابية أو الأبرع في صياغة الشعارات، بل سيكون لمن يمتلك الكفاءة، والقدرة على الإنجاز، والنجاعة في التدبير.
ويبقى السؤال مطروحاً بإلحاح: من سيمتلك القدرة الحقيقية لقيادة مرحلة ما بعد 2026، وتحويل الاستحقاقات الانتخابية من مجرد محطة دورية إلى رافعة للتغيير والتنمية الشاملة؟