الصحراء المغربية..اسبانيا تكذب تبون العسكر

الصحراء المغربية..اسبانيا تكذب تبون العسكر

في خضم التوترات الدبلوماسية التي شهدتها العلاقات الجزائرية الإسبانية في الأشهر الأخيرة، أطل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بتصريحات مثيرة للجدل يوم الجمعة الماضي، حيث أشار إلى أن إسبانيا قد تراجعت عن دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

وزعم تبون العسكر أن مدريد “ارتكبت خطأ ثم قامت بتصحيحه”، محملاً الحكومة الإسبانية مسؤولية التراجع عن موقفها، زاعمًا أن إسبانيا اضطرت إلى هذا التراجع خوفًا من خسارة علاقات تجارية مع الجزائر، التي تصل قيمتها إلى 7 مليارات يورو !

لكن ما لبثت وزارة الخارجية الإسبانية أن أكدت في بيان رسمي نشرته وكالة “أوروبا بريس” أمس الأحد، أنها لا تزال تتمسك بموقفها الثابت الداعم لمقترح الحكم الذاتي المغربي، الذي يعتبره المغرب الحل الوحيد المقبول لحل النزاع المفتعل حول صحرائه. الموقف الإسباني، الذي تم تأكيده في البيان المشترك مع المغرب في أبريل 2022 وفي الاجتماع الرفيع المستوى بين البلدين في فبراير 2023، يؤكد استمرار دعم إسبانيا للسيادة المغربية على الصحراء.

ومن خلال هذا التصريح، يبدو أن تبون كان يسعى إلى تبديد القلق الداخلي في الجزائر بشأن خسائرها الدبلوماسية في قضية الصحراء المغربية، التي تعرضت لها على مدار الأشهر الماضية، وفي نفس الوقت استغلال الموقف الإسباني للتأكيد على أهمية الجزائر كقوة مؤثرة في المنطقة. لكن تصريحاته، التي تتناقض مع الواقع الدبلوماسي، تعرضت لانتقادات واسعة.

الانتقاد الأساسي لموقف تبون يكمن في أن تصريحاته لا تعكس الحقيقة حول الموقف الإسباني، الذي لم يتغير بشكل جوهري. إسبانيا قد أبدت في أكثر من مناسبة دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي، ولم تُظهر أي إشارات على التراجع عن هذا الموقف.

ومن الواضح أن تصريحات تبون كانت موجهة بالدرجة الأولى للاستهلاك الداخلي الجزائري، في محاولة لتحسين صورتها بعد مجموعة من الإخفاقات الدبلوماسية التي تعرضت لها على الساحة الدولية.

وعلاوة على ذلك، فإن التحليل الاقتصادي الذي قدمه تبون حول الخوف الإسباني من خسارة العلاقات التجارية مع الجزائر لا يبدو مقنعًا. على الرغم من أن الجزائر تعتبر شريكًا تجاريًا هامًا لإسبانيا، فإن المصالح الاقتصادية لا تمثل العامل الحاسم في السياسة الخارجية الإسبانية تجاه نزاع الصحراء المغربية. العلاقات بين مدريد والرباط تمتد إلى مجالات متعددة، لا تقتصر على القضايا الاقتصادية فقط، بل تشمل أيضًا الأمن والسياسة الإقليمية، ما يجعل من الصعب إقناع المجتمع الدولي بتغيير الموقف الإسباني بسبب ضغوط اقتصادية.

أخيرًا، يأتي تصريح وزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، ليؤكد مرة أخرى أن إسبانيا لا تزال متمسكة بموقفها الثابت في دعم المغرب. هذا التصريح جاء بعد لقائه مع نظيره المغربي ناصر بوريطة في مدريد الأسبوع الماضي، ليضع حدًا لأي تكهنات حول تراجع الموقف الإسباني.

وتبقى تصريحات تبون في إطار محاولة من الجزائر للتأثير على المواقف الدولية لصالحها في قضية الصحراء المغربية، ولكنها تبدو بعيدة عن الواقع الدبلوماسي الذي يعيشه العالم اليوم.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *