هل تم استغلال السياسة الخارجية للمملكة في أجندة حزبية في خضم زيارة وفد إسرائيلي لإقليم سطات للنهوض بالاستثمار؟؟

بمجرد إعلان مؤسسة جذور لمغاربة العالم عن تنظيم مائدة مستديرة تحث عنوان ” آفاق التعاون المغربي الإسرائيلي في مجال الاستثمار و صناعة الثقافة السياحية بإقليم سطات ” ، خرجت بعض الجهات السياسية اليسارية للتعبير عن رفضها لهذه الخطوة و استنكارها لاستقبال الوفد الإسرائيلي من خلال تدوينات على الفضاء الأزرق “فيسبوك” ، معتبرة بشكل صريح أن ما سيقدم عليه منظموا هذا اللقاء يدخل ضمن دائرة “التطبيع” المساوي ل”الخيانة” على حد تعبير ناشري التدوينات ، كما دعت نفس الجهات إلى ضرورة التصدي لهذه الخطوة و الاحتجاج عليها.
خرجة سياسية و إن لم يكن لها وقع سلبي أو تأثير على الترتيبات التنظيمية التي تمت بتنسيق محكم بين مختلف أجهزة الدولة و الجهات المنظمة ، إلا أن العديد من المتتبعين و رجال القانون و السياسة أجمعوا على أنها محاولة لخدمة أجندة حزبية و إبراز لمواقف سياسية لازالت لم تهضم بعد المعنى الحقيقي للعلاقات الدولية للممكة خاصة في ظل الظرفية الحالية المعقدة .
تدوينة “فيسبوكية” و إن لم تحمل الطابع الحزبي الرسمي إلا أنها حاولت استغلال هذا التقارب المغربي الإسرائيلي المقرر بإقليم سطات ذو الحمولة الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية ، و استعماله كشماعة لتسليط الضوء على القضية الفلسطينية التي أكد بخصوصها المغرب دعمه و تضامنه اللامشروط مع الشعب الفلسطيني و هو موقف ثابت لا رجعة فيه كما أكد على ذلك عاهل البلاد محمد السادس في خطابه الأخير بمناسبة عيد العرش المجيد.
السؤال المطروح : لماذا لم تخرج هذه الجهات الحزبية و من يدعمها للتعبير عن رفضها للعديد من زيارات العمل التي سبق لوفود مغربية رسمية و غير رسمية أن قامت بها إلى الدولة العبرية كما دأب رجال أعمال مغاربة على لقاء نظرائهم الإسرائليين سواء بإسرائيل أو خارجها ؟ أم أن إقليم سطات استثناء ؟
في هذا الإطار كان بلاغ الديوان الملكي الذي أصدره في 2023/03/13 بخصوص ما صدر عن حزب العدالة و التنمية و تفاعله مع استئناف المغرب لعلاقاته مع دولة إسرائيل ، واضحا و فاصلا في الكثير من النقط التي لا تحتمل التأويلات ، و في هذا السياق نقتبس منها ما يلي :
أولا : إن موقف المغرب من القضية الفلسطينية لا رجعة فيه، وهي تعد من أولويات السياسة الخارجية لجلالة الملك، أمير المؤمنين ورئيس لجنة القدس، الذي وضعها في مرتبة قضية الوحدة الترابية للمملكة. وهو موقف مبدئي ثابت للمغرب، لا يخضع للمزايدات السياسوية أو للحملات الانتخابية الضيقة.
ثانيا : إن السياسة الخارجية للمملكة هي من اختصاص جلالة الملك، نصره الله، بحكم الدستور، ويدبره بناء على الثوابت الوطنية والمصالح العليا للبلاد، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية.
ثالثا : إن العلاقات الدولية للمملكة لا يمكن أن تكون موضوع ابتزاز من أي كان ولأي اعتبار، لاسيما في هذه الظرفية الدولية المعقدة. ومن هنا، فإن استغلال السياسة الخارجية للمملكة في أجندة حزبية داخلية يشكل سابقة خطيرة ومرفوضة.
– رابعا : إن استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل تم في ظروف معروفة وفي سياق يعلمه الجميع، ويؤطره البلاغ الصادر عن الديوان الملكي بتاريخ 10 دجنبر 2020، والبلاغ الذي نشر في نفس اليوم عقب الاتصال الهاتفي بين جلالة الملك نصره الله، والرئيس الفلسطيني، وكذلك الإعلان الثلاثي المؤرخ في 22 ديسمبر 2020، والذي تم توقيعه أمام جلالة الملك.
و جدير بالذكر أن مؤسسة جدور لمغاربة العالم أعلنت تنظيمها بتعاون مع الجمعية الدولية المغربية من أجل التسامح و مؤسسة إبراهيم الروداني للدراسات و الأبحاث لمائدة مستديرة تحث عنوان ” آفاق التعاون المغربي الإسرائيلي في مجال الاستثمار و صناعة الثقافة السياحية بإقليم سطات تزامنا مع الاحتفال بعيد العرش المجيد و اليوم الوطني للمهاجر ، يومه الخميس 10 غشت الجاري ، و قبلها سيشهد المركب السياحي كرين بارك مراسيم استقبال الوفد الإسرائيلي الرفيع المستوى مع القيام بزيارات لمناطق بضواحي مدينة سطات و أحياء داخلها ترتبط تاريخيا باليهود و الجالية اليهودية ، علاوة على توقيع اتفاقيات شراكة و تعاون في مجال الاستثمار على مستويات عدة.