طعم الاستحقاقات المغربية القادمة رقمي

طعم الاستحقاقات المغربية القادمة رقمي
عبد العزيز شبراط


حينما تنطلق الحملات الانتخابية للاستحقاقات القادمة؛ ستكون الهواتف الذكية؛ والحواسب اللوحية؛ قادرة على التأثير في مسار هذه الانتخابات وحتى توجيهها؛ وذلك طبعا حسب قدرات الأحزاب المشاركة؛ حسب قدراتها المالية أولا لأن خوض هذه المعركة يتطلب أموالا كثيرة؛ أكثر بكثير من الأموال التي كانت تتطلبه الحملات الانتخابية سابقا؛ بالاعتماد على المطبوعات من الاوراق والملصقات والمطويات والفراشات…؛لكن مع التطورات الهائلة التي حصلت منذ ذاك الحين الى اليوم؛ ستجد الأحزاب نفسها جميعها أمام تحد جديد؛ كلنا يذكر الضجة التي انتشرت عقب فوز الرئيس الامريكي دونالد ترامب في الانتخابات السابقة حينها والاتهامات التي صاحبتها؛ والتي التي وجهت الى غش يكون قد طال الحملة الانتخابية للرئيس الامريكية؛ إذ توجهت أصابع الاتهام الى روسيا؛ بكونها وجهت الرأي العام الأمريكي إلى التصويت على دونالد ترامب؛ بتوظيف مجموعة من الحسابات الوهمية المسيرة اوتوماتيكيا على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل التأثير على الناخبين؛ ونشر الاخبار الزائفة عن منافسه هيلاري كلينتون.
إذن فجميع الأحزاب المغربية ستجد نفسها أمام أدوات جديدة ومعقدة؛ لخوض تلك الحملات الانتخابية؛وهذه الأدوات؛ تتطلب الأموال الكثيرة كما تتطلب ممارسين متمكنين؛ لخوض المعركة وإيصال صوت الحزب وبرامجه الى الناخبين؛ كما يتطلب الأمر ممارسين قادرين على اكتشاف الحسابات الوهمية؛ التي بلا شك ستعمل على نشر الأخبار الزائفة و توقيفها قبل أن تتمكن من الناخبين وتحويل آرائهم؛ ضدا على هذا الحزب أو ذاك؛ كما ستنشط خلال تلك الفترة اللايفات المباشرة؛ والرسائل القصيرة التي تحث المواطنين على التصويت؛ أو تمدهم بمعلومات كاذبة لتضر هذا المترشح أو ذاك؛ وهنا أيضا ستنشط الأخبار الزائفة لتشويه الأحزاب أو المترشحين؛ فأمام الأحزاب المغربية إذن عمل جبار يتطلب أموالا ضخمة؛ كما يتطلب تقنيين متميزين ومتمكنين؛ وهؤلاء بدون أجهزة تقنية عالية وأموال؛ لن يباشروا هذه الأعمال ولن يتمكنوا من التحكم فيها بالقدر اللازم؛ كما لن يستطيعوا التغلب عنها إن كانت قدراتهم التقنية منخفضة.
وإذا كانت بعض الأحزاب المشاركة في الحكومة؛ لها من المال ما قد يجعلها تواجه هذه التقنيات واستغلالها لصالحها؛ فإن هذا سيضع الأحزاب الأخرى أمام تحد كبير وحاجز أكبر؛ قد يقلص من حظوظها و يقوي من حظوظ الأحزاب المنافسة صاحبة المال؛ فالمال هنا سيكون حاسما؛ و إذا لم تستشعر الأحزاب الضعيفة ماليا الأمر وتجد له البديل؛ وأكثر من هذا؛ فالأحزاب القوية ماليا قد تلجأ الى مالكي منصات التواصل الاجتماعي؛ وتمكينها من المال لتصبح تلك المنصات خدومة للحزب؛ فتقترح فرضا على المستعملين زيارة حسابات تلك الأحزاب؛ فيما ستظل الأخرى في الخلف ما دامت لم تؤد الواجب.
إن هذا الأمر لن يؤثر على الأحزاب الضعيفة ماليا وحسب بل سيكون له تأثير سلبي أيضا على الناخبين؛الذين سيجدون أنفسهم محاطين بحسابات تلك الأحزاب من كل صوب؛ وهو ما سيؤثر بشكل أو بأخر على اتخاذ قرارات لا تخدم الناخب بقدر ما تخدم الحزب ومترشحيه؛ لهذا دعونا الناخبين في مقال سابق على هذه الجريدة؛ الى تقاسم المعلومات وتبادلها عبر كل منصات التواصل الاجتماعي؛ لتوحيد الرؤى والاختيارات التي ستخدم الناخب والبلاد؛ وتمنحنا فرصة عدم تكرار التجارب السابقة التي كانت تنتج أناسا لا يخدمون سوى مصالحهم عوض مصالح البلاد؛ إننا في غنىً تام عن إعادة تكرار التجارب السابقة الفاشلة من جديد ؛ فلم يعد أمامنا من الوقت ما يكفي للخطأ من جديد وتمضية خمس سنوات أخرى في التباكي؛ والنواح الفارغ الذي لا يأتي بأي نتائج مفيدة للوطن وللمواطنين.
ولا ننسى أن المواقع والجرائد الإلكترونية سيكون لها نصيبها في التأثير على الناخبين خلال الاستحقاقات القادمة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *