بعد عام على الفاجعة..تأخر تعويض ضحايا “ملعب الموت” يختبر جدوى صندوق الكوارث
أحمد الهيبة صمداني – أكادير
ما تزال “دار لقمان” على حالها، بعد مرور عام على فاجعة “ملعب الموت” بدوار تزيرت بالجماعة القروية إمي نتايرت ضواحي تارودانت، والتي راح ضحيتها تسعة أشخاص أمام أنظار ومسمع عائلاتهم، وفي مشاهد فيديو مباشرة أدمت قلوب المغاربة وجلبت تعاطفهم وانتقاداتهم الحادة لتقصير المسؤولين.
ذكرى شهداء “ملعب الموت” في غياب المسؤولين
وفي ظل عدم تحقق الوعود الوردية لأبناء المنطقة، لم يجد شباب دوار تزيرت بالجماعة القروية إمي نتايرت جهدا لترقد أرواح أًصدقائهم بسلام، بعدما خطفهم الموت أمام أعينهم، فأقاموا لهم ذكرى تخليدية بسيطة، بعد مرور عام على موتهم، في 28 غشت 2019، بقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء يوم أمس الجمعة، والذي يصادف يوم الحادث المأساوي، في غياب الجهات المسؤولة.
تأخر تعويض المتضرري من صندوق الكووارث
بكلمات مشحونة بالحسرة والأسف، يحكي أحد ساكنة تزيرت المتضررين من تأخر الوعود التي قطعها المسؤولون على أنفسهم لتفادي تكرار الفاجعة ولتعويض المتضررين وعائلات الضحايا، بقوله إنه: ” لم يتم تعويض عائلات الشهداء من صندوق الكوارث”، والذي رافق إحداثه ضجة إعلامية واسعة، “ولا المحاصيل الزراعية والبساتين والحقول المتضررة تم تعويض أًصحابها أو استصلاحها”، يضيف المتحدث، فتبخرت بذلك البالونات الإعلامية التي صاحبت الواقعة، وتبخرت معها آمال ساكنة دوار تزيرت بجماعة إمي نتايرت قبيلة إذاونضيف، في تحقق وعود معسولة.
وأوضح المتحدث نفسه، والذي آثر عدم ذكر اسمه، أن من بين الوعود ” تحويل حقول الساكنة لمكان أكثر أمنا، ونقلها بعيدا عن الوادي، إضافة لإنشاء قنطرة لفك العزلة عن الساكنة، وتحويل المنبع الوحيد للماء الصالح للشرب لمكان أخر بعيد عن مجرى الوادي، دون أن ننسى إصلاح ملعب جديد بمكان أخر، تفاديا لتكرار الفاجعة “.
وجدد المتحث نفسه تكذيب ما راج حول تبرع لاعب المنتخب الوطني نور الدين أمرابط بمبلغ 500 مليون سنتيم لفائدة الساكنة وبناء ملعب من ماله الخاص، مؤكدا “أنها محض إشاعات لا غير”.
رئيس جماعة إمي نتايرت يوضح
من جهته أكد عبد السلام الضعيف رئيس الجماعة القروية إمي نتايرت، أن “ما وعدت به جماعته القروية المتعلق بنقل منبع المياه الوحيد للماء الصالح الشرب إلى مكان آخر، قد انطلق العمل في المشروع، وتم تحويل منبع المياه إلى المكان القديم للمقبرة وتم حفر البئر وربطه بخزان مياه”.
وأوضح عبد السلام، في اتصال هاتفي بالجريدة، أنه خلال الفاجعة كانت جميع الجهات المتداخلة حاضرة، من جهة ومجلس إقليمي وممثلين وزارة التجهيز والنقل وغيرهم من المؤسسات، وكل منهم أعطى وعودا تدخل ضمن اختصاصاته لتجاوز تداعيات فاجعة ملعب تزيرت.
وبخصوص الملعب الذي وقعت فيه الحادثة فقد نفى رئيس الجماعة علاقته بتأخر إصلاح الملعب، وأن الأمر “مرتبط ببعض ساكنة تزيرت الذين أعطوا وعودا بالمساهمة في إصلاح الملعب ولكن الجماعة القروية لم تتوصل بشيء إلى حدود الآن”. علاوة على ما تم عقده من شراكات بين الجماعات القروية المستفيدة من المجلس الإقليمي لتساهم في بناء ملعب جديد بمقر الجماعة القروية إمي نتايرت”.
فاعل جمعوي يوضح ما ادعاه الرئيس
في المقابل نفى أحد ساكنة تزيرت المتضررين من تأخر الوعود، أن تكون للبئر الذي تم حفره في المقبرة القديمة علاقة بالوعود المقدمة للساكنة، وأن هذا المشروع الذي تحدث عنه رئيس جماعة إمي نتايرت قديم، ويتعلق بقنوات الصرف الصحي انطلق منذ سنة 2018.
وأوضح المتحدث نفسه وأحد المتابعين للشأن المحلي، والذي فضل عدم ذكر اسمه، أن “قرار حفر البئر تم بعدما اشتكت الساكنة من قلة المياه، فعملت الجماعة القروية على تقسيم المشروع إلى شطرين، وذلك قبل الفاجعة بمدة طويلة، واحد يتعلق بالماء الشروب، وهو الذي تكلم عنه الرئيس عبد السلام الضعيف للجريدة، وآخر يتعلق بقنوات الصرف الصحي”.
“لم نرى من الوعود المقدمة شيئا”
“لم نرى شيئا من الوعود المقدمة للساكنة والمتضررين على حد سواء”، بهذه العبارة بدأ الهاشمي الرسايني، ممثل ساكنة بالجماعة القروية إمي نتايرت ونائب رئيسها، حديثه عن ما تحقق من الوعود المقدمة لمتضرري فاجعة “ملعب الموت”.
وحَمّـل الهاشمي الرسايني جمعية تزيرت للتمنية والتعاون، جانب من مسؤولية تأخر الوعود، مذكرا بما قامت به الجمعية ليلة العزاء، حين “قام رئيسها بطلب الجهات المسؤولة الحاضرة ببناء ملعب آخر، ودَمُ شهداء الفاجعة لم يبرد بعد، وهو ما أثار حفيظة الساكنة ورفضت ذلك جملة وتفصيلا”.
وأشار المتحدث نفسه أنهم دأبوا على ترميم وإصلاح ملعب تزيرت سنويا منذ ثمانينيات القرن الماضي بمعدات بدائية، كان آخرها سنة 2018، “وفي كل مرة تجرف سيول الوادي ما قمنا بإصلاحه”.
وباعتباره مسؤولا عن المشروع الذي تحدث عنه رئيس الجماعة القروية إمي نتيرت، أكد الهاشمي في ثنايا حديثه لـ”مجلة24″، انتهاء أشغال البئر وخزان المياه، المنجز في إطار اتفاقية بين وزارة التجهيز ومنظمة حوض “أرغن” الفرنسية، وأنهم ينتظرون الربط بالكهرباء فقط لتتمكن الساكنة من الحصول على المياه”.
خلاصة القول
ولخص الهاشمي الرسايني، ممثل ساكنة بالجماعة القروية إمي نتايرت ونائب رئيسها، عدم تحقق الوعود التي وصفها في حديثه بــ”الوعود الخاوية”، لخصها بالقول إن: ” تزيرت مازالت على حالها كما تركتها سيول الوادي، ومازال كل شيء مخربا وحتى من سواقي المياه، كانت لتبقى معطلة لولا تطوع الساكنة وإصلاحها بشكل بدائي”.
وأكد الهاشمي أن الضحايا مازالوا ينظرون من يسأل عنهم، موضحا أنه “منذ الفاجعة لم يتواصل مع عائلات شهداء الفاجعة ولا حتى مع الساكنة المتضررة أحد من السؤولين، سوى تواصل وحيد، حين استدعاهم الدرك الملكي بتارودانت مرة واحدة بعد حوالي 15 يوما من الفاجعة في العام المنصرم، ولم نرى أُثرا للتواصل بعدها”.
مسؤوليات مشتركة
وكشف الباحث الحسين بكار السباعي المحام بهيئة المحامين بأكادير والعيون والباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان، (كشف) لــ”مجلة 24″، عن الأطراف التي تتحمل المسؤولية القانونية والمدنية في ما وقع، خاصة في ما يتعلق ببناء ملعب يضم دوريات كروية لأبناء المنطقة وتم تدشينه من قبل السلطات.
واعتبر بكار السباعي ، في تصريح سابق لـ”مجلة24″ الوقية، أن “الدولة والجماعات الترابية هي من يتحمل المسؤولية الأكبر فيما وقع”، إذ أن النصوص القانونية، حسبه، لا تعفيها من تحمل هذه المسؤولية، وهو ما سار عليه الإجتهاد القضائي؛ محملا في الوقت نفسه قسطا من المسؤولية للمواطن هو الآخر؛ حين تهاون رغم معاينته لتدفق المياه ولم يتخذ الحيطة والحذر، حسب ما بينته بعض الفيديوهات المتداولة”.
يشار إلى أن “مجلة24″ الورقية كانت قد خصصت ملفا في عددها الورقي عن ملف فاجعة تزيرت، المعنون بـ: ” ناجي من فاجعة “ملعب الموت” يروي تفاصيل مثيرة..وقانوني يُعَدِّد المسؤولين”، والذي ضم جل المتداخلين نظرا لأهمية الملف وما أثاره من جدل واسع حينها، من خلال “التراشق” بِكرة االمسؤوليات الملتهبة بين كافة الأطراف المدنية والحكومية، وحاولنا خلاله أن نقارب الملف من زوايا مختلفة تتوزع بين القانوني والرصدي والمدني وأصحاب القرار.