افتتاحية مجلة 24.. الحاجة إلى جرعة أمل قوية لاستمرار الحياة
بالفعل تجتاز بلادنا أياما عصيبة، تحت وطأة كوفيد 19. الوباء في حالة هجوم ونشاط شرس و كاسح، في كل يوم إصابات وفي كل يوم تصاعد لأعداد الوفيات.
كيف يمكن احتواء هذا الوضع، والمواطنون يصارعون من أجل ضمان لقمة عيش، لا سيما المياومون منهم، وبعض المقاولات استغلت هذه الظروف، لمزيد من تسريح العمال. ومؤشرات النمو في التراجع منذ شهر مارس.
في الدار البيضاء وفي يوم الأحد المنصرم، ما بين سوق القريعة وجراج علال، كانت حشود الناس تسعى للرزق، بحثا عن القوت اليومي ومواجهة تكاليف الدخول المدرسي للأبناء، ولا يبالون بتحذيرات السلطات الصحية والمحلية عن ضرورات التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات الواقية على الوجوه.
هل نتلمس هذا القلق في اللقاءات الأسبوعية للحكومة، وهي تسعى للمزيد من القرارات، التي ستزيد من حدة الاحتفان الاجتماعي. كما فعلت مع برمجة مشروع قانون الإضراب، في جلسة عمومية للبرلمان، ثم تراجعت عنه، إثر تصاعد البلاغات النقابية، التي اتهمت علنا الحكومة باستغلال الظروف العامة للجائحة، لتمرير مشروعها الذي يستهدف تكبيل الحق في الإضراب، والتضيق على الحريات النقابية، كما اتهمت النقابات العمالية أن عرض المشروع يستجيب لضغوطات أرباب العمل وتغليب مصالحهم على القوى العاملة.
وجاءت بمشروع آخر يستهدف تفويت بنيات مصحات الضمان الاجتماعي للخواص، وهو موقف آخر تعلن نقابة الاتحاد المغربي للشغل عدم القبول به، وهو الخيار الذي لم يكن واردا في الاقتراحات والبدائل، التي قدمت منذ سنوات لتطوير الخدمات العلاجية والاستشفائية بمصحات الضمان الاجتماعي.
لنعد إلى أوضاع الناس، حرف كثيرة في القطاع غير المهيكل، كانت توفر فرص عمل في الصيف للعديد من المهن، ومنها يدخرون بعض المال، لقضاء مآربهم واحتياجاتهم الحياتية، كالعاملين مع ممولي الحفلات من فرق موسيقية وطباخين وخدم ومصورين ومزيني العرائس. كلهم عصفت الجائحة بلقمة عيشهم وباتوا يبيعون أدوات عملهم، للمحافظة على حياتهم أو من منهم بعض المحظوظين الذين يعيشون على حساب التضامن الأسري.
هل السيد رئيس الحكومة، ينتابه القلق من هذه الأوضاع والظروف ويعمل على اتخاذ إجراءات عاجلة، للتخفيف من حدة كل هذه التداعيات التي مست الناس في شروط عيشهم؟
الجائحة اليوم في كل بلدان العالم استدعت اتخاذ قرارات وإجراءات لإعادة تنظيم حياة الناس، بالمحافظة على نشاطاتهم الاجتماعية ، في ظل تعزيز شروط التعايش مع الوباء وذرء عوامل انتقاله، وأعادت دورة الحياة الاقتصادية للاشتغال باستخدام توصيات الجهات الصحية التي باتت تكون تمثلا أكثر ومعرفة بالوباء.
كان على السيد رئيس الحكومة، أن يكون أكثر جرأة في التعاطي مع هذا القلق الاجتماعي وأن يستنفر كل الوزارات في لقاءات يومية كما يفعل العاملون الميدانيون من أسلاك الصحة والداخلية وفيهم من أبدع طرقا لتنظيم حياة الناس والتواصل معهم.
إننا في أوضاع استثنائية بفعل أزمة كوفيد 19، وفي الأزمات تحتاج الشعوب إلى حكوماتها، وتحتاج أكثر من أي وقت مضى لاتخاذ القرارات القوية وتفعيل التضامن بين كل الطبقات الاجتماعية لتأمين القدرة على استمرار الحياة في المستقبل.
جرعات الأمل مغيبة، بغياب الإجراءات البراغماتية في الخطاب الحكومي، والذي لا يختلف في أدائه السياسي، عما كان معمولا به قبل الجائحة.