من يُنقذ هؤلاء السكان؟ واد بنموسى بسطات … حين تتحول البيئة إلى جحيم صامت

من يُنقذ هؤلاء السكان؟ واد بنموسى بسطات … حين تتحول البيئة إلى جحيم صامت

لم يعد سكان المنطقة المجاورة لواد بنموسى، بالقرب من فندق بلير، قادرين على تحمل الروائح الكريهة التي تخنق الأنفاس ليل نهار.
أطفالٌ يعانون من أمراض تنفسية، نساءٌ مسنات يُصارعن الاختناق داخل بيوتهن، وأسرٌ تائهة بين صمت المسؤولين وتراكم الأزبال التي غزت المكان، حتى صار الحديث عن “العيش الكريم” ترفاً لا يليق بهم.

هؤلاء المواطنون لم يطلبوا المستحيل، ذنبهم الوحيد أنهم يسكنون هنا، في منطقةٍ كان يُفترض أن تكون امتداداً عمرانياً جميلاً لمدينةٍ تتغنى بشعارات التنمية والنظافة، لكن الواقع غير ذلك: نفايات متراكمة، مياه آسنة، روائح تزكم الأنوف، وحياة تختنق كل يوم في صمتٍ بيئي قاتل.

لقد راسل السكان السلطات المحلية والمجالس المنتخبة مراتٍ عديدة، رفعوا الشكايات والعرائض، طالبوا بتدخل عاجل لوقف هذا العبث البيئي، لكن لا مجيب، وكأن هؤلاء المواطنين خارج جغرافيا الحقوق، خارج نطاق الاهتمام، رغم أن الدستور المغربي في فصله 31 ينصّ صراحة على أن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعمل على “تيسير استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق في بيئة سليمة.”

أين هو هذا الحق؟ وأين هي التزامات الجماعات الترابية التي يُفترض أن تُعنى بتدبير النفايات ومراقبة التلوث؟ أليس من صميم اختصاصاتها الحفاظ على نظافة المجال وضمان العيش الكريم للسكان؟

إن ما يحدث في محيط واد بنموسى ليس مجرد تقصيرٍ إداري، بل هو جريمة بيئية وإنسانية مكتملة الأركان.

فحين تتحول الأودية إلى مصبات للأزبال، وتُترك الأسر في مواجهة الروائح السامة دون تدخل، فذلك يعني أن الحق في الحياة والصحة بات مهدداً فعلياً.

إننا أمام مأساة بيئية لا تحتاج إلى لجانٍ ولا شعاراتٍ جديدة، بل إلى قرارٍ شجاعٍ وفوري: تنظيف الوادي، تهيئة محيطه، وتفعيل مراقبة بيئية دائمة. فصحة الناس ليست ملفاً ثانوياً، بل مسؤولية قانونية وأخلاقية في أعناق المجالس المنتخبة والسلطات الوصية.

ويبقى السؤال الذي يصرخ في وجه الجميع:
من يُنقذ هؤلاء السكان؟
أم أن قدرهم أن يعيشوا بين النفايات، ويتنفسوا الموت ببطءٍ في زمنٍ يُفترض أنه زمن الكرامة والعدالة البيئية؟

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *