من المرعى إلى المراقبة…كيف يُعيد التحول الرقمي رسم خريطة سلسلة الخيول بالمغرب؟

من المرعى إلى المراقبة…كيف يُعيد التحول الرقمي رسم خريطة سلسلة الخيول بالمغرب؟

في معرض الفرس بالجديدة، شهدت الساحة الفروسية بالمغرب نقلة نوعية مع تقديم وزارة الفلاحة، من خلال القطب الرقمي، لأول مرة مجموعة من الحلول الرقمية المتكاملة المخصصة بالكامل لسلسلة الخيول.

هذه الأدوات ليست عرضًا تجريبيًا فحسب، بل تمّ تصميمها و إختبارها لتلبية إحتياجات المربين و المهنيين في الميدان، من الإدارة و المتابعة إلى الجوانب الصحية و التكوينية.

يشمل العرض الجديد مرصدًا تكنولوجيًا تحت إسم أكروبوليس (Agripulse)، الذي يغطي منذ هذه الدورة سلسلة الخيول رسمياً، إذ لم يعد مقتصرًا على الزراعات التقليدية فقط.

يقدم هذا المرصد خدمة يقوم فيها بجمع البيانات و تنظيمها فيما يخص المشاريع الناشئة، التكنولوجيات، التكوينات، و رصد المقاولات في مختلف السلاسل الإنتاجية، مع ضمان تقديم معلومات دقيقة، محينة، و موثوقة، كما أوضحت مديرة القطب الرقمي، لبنى المنصوري. يُستخدم الذكاء الإصطناعي كمساعد له لتقديم النصائح حسب حاجيات المستخدمين، و يُفتح تدريجياً للمساهمة المشتركة (“crowdsourcing”) لضمان تحديث مستمر للمعطيات.

إضافة إلى ذلك، تمّ تقديم محادث آلي ذكي باسم KhAIl Connect، و هو نتاج تعاون مع الشركة الملكية لتشجيع الفرس. المساعد يجيد الدارجة المغربية و العربية الفصحى و الفرنسية، مع دعم للصوت و التعدد اللغوي، و قد تم تدريبه بإستخدام آلاف الوثائق الوطنية و قواعد بيانات القطاع الفروسي. الهدف منه هو تسهيل وصول المهنيين إلى المعلومات و تبسيط فهم الإبتكارات الرقمية و التقنية في المجال.

و من جهة أخرى، جاءت شبكة الضيعات الرقمية لتجسّد العمل الميداني للتكنولوجيا، حيث ليست مجرد مواقع تجريبية، بل ضيعات إنتاجية فعلية تُستخدم لإختبار الحلول الرقمية في ظل ظروف واقعية. الشبكة تضم 56 ضيعة منها سبع ضيعات عاملّة، و قد أُدخلت لأول مرة ضيعتان تابعتان للحريستين بوزنيقة و الجديدة ضمن هذا البرنامج. يتم في هذه الضيعات ليس فقط التجريب، بل التكوين، التقييم للأثر الإقتصادي و الإجتماعي و البيئي، بهدف ضمان أن الحلول الرقمية يُمكن أن تُعمم و تكون فعّالة و مستدامة.

كما تمّ إعتماد نظام ERP‑CRM متكامل لإدارة الحريستين بوزنيقة و الجديدة، نظام يُعرف بإسم Equicty، من شركة بلجيكية ناشئة تنشط في أكثر من 30 دولة. هذا النظام يُمكّن من إدارة شاملة لكل الجوانب المتعلقة بالخيول : تحديد الهوية، تتبعها، التغذية، التدريب، المتابعة الصحية، الوثائق، الأداء. لكل حصان بطاقة تعريف رقمية تشمل بيانات جينية، سجل صحي كامل، برنامج التغذية، التدريب، الأداء. المرحلة التجريبية تُتيح تقييم القيمة المضافة للتطبيق المحلي، و تكييف النظام مع خصوصيات السياق المغربي قبل أي تعميم.

تأتي هذه المبادرات في إطار إستراتيجية وطنية أكبر للرقمنة، تتماشى مع “المغرب الرقمي 2030” و إستراتيجية الجيل الأخضر، حيث يصبح التحديث التقني و التكنولوجي جزءًا لا يتجزأ من السياسات الفلاحية و التنموية. وُضع هدف ضمني يتمثل في رفع مستوى التشاركية المجتمعية في بناء و صقل الحلول الرقمية، دعم المهنيين الصغار، إشراك الشباب، و ضمان أن المنظومة الفروسية تستفيد من فرص النمو الإقتصادي، التنمية القروية، السياحة، و التراث.

كما أكد وزير الفلاحة أن سلسلة الخيول ليست فقط عاملًا رياضيًا أو ثقافيًا أو ترفيهيًا، بل محرك تنموي مهم يساهم في إحداث الثروة، و خلق فرص الشغل، و تأكيد الهوية التراثية، مع تحسين إدارة الإسطبلات، صحة و سلامة الخيول، و أداءها. الرقمنة تُنظر إليها اليوم كرافعة إستراتيجية لتجاوز التحديات المرتبطة بالبيئة، الكلفة، التتبع، الإدارة، و ضمان إستدامة هذا القطاع.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *