مع اقتراب شهر رمضان.. الأسعار تلهب جيوب المغاربة وتزيد الضغط على الأسر

مع اقتراب شهر رمضان.. الأسعار تلهب جيوب المغاربة وتزيد الضغط على الأسر

تواصل الأسعار منحاها التصاعدي في المغرب وتمثل تحديا استعصى على الحكومة إلى حدود الساعة إيجاد حل يخفف من عبء هذه الزيادات المتتالية التي شملت جميع المواد الاستهلاكية، والتي خلقت عدم اليقين عند الأسر المغربية التي دخلت دائرة التشاؤم والخوف من المستقبل وعدم القدرة على الادخار للمستقبل، ومع قرب شهر رمضان الكريم وكثرة الاستهلاك في ظل ارتفاع الأسعار ونقص بعض المواد الأساسية كمادة الحليب، ستكون أيام عصيبة في انتظار ذوي الدخل المحدود والأسر الفقيرة.

وهكذا قفزت أسعار اللحوم الحمراء بشكل صاروخي في مختلف محلات الجزارة بالمغرب خاصة بالمدن الكبرى، فبعدما اعتاد الزبناء على ثمن مستقر في حدود 75 درهما على امتداد سنوات سجلت الأيام القليلة الماضية أثمنة جديدة تجاوزت 100 درهم بالنسبة للحم العجل أو الخروف على حد سواء.

وقفزت أسعار اللحوم الحمراء في سوق الجملة بالدار البيضاء إلى 80 درهما بالنسبة للحم العجل، و90 درهما بالنسبة للحم الخروف، بينما تراوحت الأسعار في محلات البيع بالتقسيط بين 90 درهما و110 دراهم بالنسبة للحم العجل، وبين 100 و120 درهما بالنسبة للحم الخروف.

ويشتكي المهنيون من ندرة المنتوج في السوق الوطنية وارتفاع الرسوم المفروضة على الاستيراد، مطالبين بفتح قنوات حوار حقيقي قبل وصول شهر رمضان وعيد الأضحى من أجل استدراك النقص الحاصل، وتمكين الزبناء من اللحوم بأثمنة معقولة.

ويربط المهنيون ما يجري في الوقت الراهن، بالضرر الذي لحق الكسابة خلال فترة “مقاطعة الحليب”، واضطرار العديد منهم إلى ذبح الأبقار نتيجة ضعف الإقبال على الحليب وتراكم الخسارات أسابيع عديدة، مشيرين إلى أنه للخروج من الوضعية الحالية ينبغي الانفتاح أكثر على السوق الخارجية.

ويطالب المهنيون، السلطات بحذف الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للحوم البقر والغنم من أجل استعادة السوق بعض من التوازن، مؤكدا أن المغرب في الوقت الراهن لا يتوفر على اكتفاء ذاتي بخصوص اللحوم الحمراء، مما جعل الحكومة تعلق قرار منع الاستيراد. بدورها، شهدت أسعار بيع البيض، هذه الأيام، ارتفاعا ملحوظا، سواء في سوق الجملة بالدار البيضاء أو أسواق البيع بالتقسيط؛ فقد بلغت في أسواق التقسيط وكذا لدى المحلات التجارية 1.20 درهما.

وخلفت الزيادة في أسعار هذه المادة تذمرا لدى الكثير من المواطنين الذين لم يستسيغوا ذلك، لا سيما أن هذه الفترة تعرف إقبالا كبيرا على غرار شهر رمضان. وأكد مهنيون في قطاع بيع البيض أن سبب هذا الارتفاع يرجع بالأساس إلى ما تعرفه المواد الأولية من غلاء على المستوى الدولي.

ويرى المهنيون، أن مواد البيض ارتفعت بسبب الأزمة العالمية بين روسيا وأوكرانيا خاصة و أن جميع المواد من ذرة وصوجا ارتفعت أسعارها بشكل كبير، كما أن جميع المواد التي تستعمل في إنتاج “بيض الاستهلاك” يتم استيرادها من الخارج.

كما أن البيض تم بيعه بسوق الجملة هذه الأيام بـ93 سنتيما للبيضة الواحدة علما أن كلفة انتاجها تصل إلى 95 سنتيما. وفي نفس السياق، عرفت أسعار الدواجن اتجاها تصاعديا هي الأخرى، ويعزو مهنيون الأمر إلى فوضى يعرفها القطاع، ما أدى إلى غلاء المواد الأولية، مطالبين بضرورة تدخل الدولة لحماية المستهلك والمستثمر في القطاع، إذ ارتفعت تكلفة الإنتاج، وهو ما انعكس على سعر البيع للعموم، إذ ناهز ثمن الأعلاف 12 درهما للكيلوغرام، فيما ثمن “الفلوس” درهمان، وأن الانتقال من كتكوت إلى دجاجة تزن على الأقل كيلوغرامين، تلزم أربعة كيلوغرامات من الأعلاف، وهو ما يجعل التكلفة جد مرتفعة.

من جهتها، تشهد منظومة توزيع الحليب بالمغرب خلال الأسابيع الماضية، اختلالا على مستوى الحصيص المقدم لتجار القرب بالأحياء والمراكز السكنية، في الوقت الذي أكد فيه وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات نجاح البلاد في تحقيق الاكتفاء من المادة. ويطرح المواطن ومعه تاجر القرب منذ أيام سؤالا حول مدى احتمالية تعرض المغرب لأزمة حليب مثل تلك التي تشهدها مجموعة من البلدان، والتي تتزامن مع مجموعة من الإكراهات المرتبطة بالجفاف وكذا انعكاسات الحرب الأوكرانية على أثمنة المحروقات والنقل، كما أن الإقبال على مادة الحليب في شهر رمضان ينذر باختلال في التوازن بين العرض والطب في ظل الخصاص.

وتعاني الشركات المكلفة بهذه المادة من ندرة في الحليب، إذ تعمل لتجاوز ذلك خفض كوطا المادة الاستراتيجية أمام موزعيها، وهو ما أدى إلى عدم قدرة مجموعة من الموزعين على إتمام جولاتهم داخل مجال عملهم، وأمام هذا النقص تتوالى الزيادات في المنتجات الحليبية، مما يفتح مجموعة من التساؤلات حول مادة الحليب وسلاسل إنتاجها في المستقبل القريب خاصة في شهر رمضان المبارك.

من جهتهم، يرى المهنيون أن ابرز أسباب أزمة الحليب الحالية، هو إغلاق مجموعة من التعاونيات، فضلا عن بيع المنتجين للقطيع جراء أزمة الأعلاف وارتفاع الأسعار في ظل الجفاف. كما أن أزيد من 60 في المائة من المهنيين غادروا القطاع.

إلى ذلك، كان محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، قد صرح قبل أيام، أن شبكات توزيع وتسويق المنتجات الفلاحية، تحقق حوالي 96 في المائة من الاكتفاء الذاتي من الحليب، حيث يتم تجميع 2.5 مليارات لتر من هذه المادة، عبر 2700 مركز لجمع الحليب. وأشار إلى أن معدل الاستهلاك يبلغ 74 لترا للفرد في السنة، فيما يصل عدد مراكز جمع الحليب من تعاونيات وضعيات خاصة، لحوالي 1900 تعاونية، أما عدد الضيعات الخاصة لا يتجاوز 800 ضيعة.

واعتبر الوزير أن سلسلة الحليب يقف وراءها 260000 فلاح- منتج للحليب، يسهرون على العناية بـ1.8 ملايين رأس من أبقار الحليب. ونتج عن استمرار ارتفاع الأسعار على المستوى الدولي صعوبات بالنسبة للمغرب، في ظل ثقل كلفة استيراد المواد الأساسية من الخارج، وهو ما سينتج عنه تقلص هامش المناورة في الميزانية وتفاقم عجزها وارتفاع الأسعار وزيادة نسبة التضخم.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *