سطات: بين مطرقة المحتل وسندان المختل

مدينة سطات، قلب الشاوية النابض وأحد رموز المقاومة التاريخية ضد المستعمر، تجد نفسها اليوم محاصرة بين واقعين مؤلمين: انتشار المختلين عقلياً وتفاقم ظاهرة احتلال الملك العمومي مع الأسف، هذه المدينة التي كانت يوماً منارة للتنظيم والأمان، تعاني اليوم من حالة من الفوضى والانفلات الذي أضحى يشكل تهديداً لسلامة وأمن ساكنتها.
عند التجول في شوارع سطات اليوم، يمكن للمرء أن يلاحظ تحول هذه المدينة الجميلة إلى مشهد من الفوضى. المختلون عقلياً يتجولون في كل مكان، ينشرون الخوف بين المواطنين، خصوصاً النساء والأطفال، ما يزيد من الضغط النفسي على الساكنة. هذه الفئة، التي للأسف لم تجد الرعاية اللازمة من الدولة والمجتمع، أضحت تمثل تهديداً حقيقياً للأمن العام في سطات.
وفي نفس الوقت، تتفاقم مشكلة احتلال الملك العمومي. فقد أصبح من المعتاد رؤية الأرصفة والشوارع محتلة من قبل الباعة المتجولين والمقاهي والمطاعم التي توسعت على حساب الفضاءات العامة، مما يعوق حركة المارة ويسيء لجمالية المدينة. هذا الاحتلال، الذي يبدو أنه تم تجاهله من قبل السلطات المحلية، يعكس بشكل كبير الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد، ولكنه أيضاً يعكس فشلاً في تدبير الشأن المحلي.
عندما تم تعيين الباشا الجديد، تنفست الساكنة الصعداء، وظنوا أن حلاً بات قريباً. الباشا قاد حملة لتحرير الملك العمومي بمواكبة رجال السلطة والشرطة، وقد أُملت الآمال على هذه الحملة لتغيير الوضع. ولكن للأسف، ما هي إلا أيام وعادت الأمور إلى سابق عهدها، وكأن شيئاً لم يكن.
اليوم، تتساءل الساكنة ما الذي حدث لسطات؟ أين ذهبت تلك المدينة النظيفة المنظمة التي كانت يوماً رمزاً للانضباط والأمان؟ ولماذا لا يستطيع المجلس الجماعي والنخب السياسية انتشال المدينة من هذا المستنقع؟ هل حقاً كانت العصا السحرية بيد الوزير الراحل إدريس البصري، أم أن الأمر يتطلب إرادة سياسية جماعية لإعادة بناء المدينة وتنظيمها؟
إن ما تمر به سطات ليس مجرد أزمة محلية، بل هو جزء من أزمة أوسع تعاني منها العديد من المدن المغربية. هذه الأزمة تتطلب رؤية شاملة وإرادة قوية من جميع الفاعلين، سواء كانوا مسؤولين أو مواطنين، للعمل معاً على إعادة الاعتبار لهذه المدينة العريقة.
سطات بحاجة إلى تدخل عاجل وحلول جذرية، وليس مجرد حملات ظرفية. إن احترام حقوق المواطنين في العيش الكريم والأمن يجب أن يكون على رأس أولويات السلطات المحلية والإقليمية، ولا يمكن التهاون في هذا الشأن. الحلول موجودة، ولكنها تحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية وإشراك جميع الفاعلين في المجتمع لتحقيق التغيير المنشود.
مقال في المستوى المطلوب ويرقى إلى تطلعات ساكنة مدينة سطات . شكرا للصحفي المتميز الأخ بوشعيب نجار على تطرقه لقضايا تمس قضايا وتطلعات المواطنين مباشرة . وفقكم الله