ساكنة أولاد عبد الصادق بجماعة سيدي أحمد الخدير تنتفض ضد مشروع يهدد بدفن القرية تحت رائحة الدجاج

في دوار أولاد عبد الصادق بجماعة سيدي الخدير، لم يعد أمام الساكنة سوى الشارع وسلاح الاحتجاج لمواجهة ما بات يُعرف بـ”مشروع الموت البطيء”. صباح الجمعة الماضي، احتشد العشرات أمام مقر الجماعة، في مشهد يلخص سنوات من العبث الإداري والكرّ والفرّ بين سكان بسطاء ومقاول أجنبي لا يعرف معنى كلمة “كفى”.
المشروع موضوع الجدل ليس سوى حظيرة لتربية الدواجن، نبتت على مقربة من بيوت الناس، كقنبلة بيئية مؤجلة الانفجار. حظيرة حُكم عليها قضائياً بالإعدام منذ سنوات، بعد أن أسقطت المحكمة الابتدائية بسطات رخصتها، وأكدت الاستئناف ذلك، وصولاً إلى حكم نهائي لمحكمة النقض. ورغم كل هذا، يصرّ صاحب المشروع ــ المقاول ذي الأصول العراقية على بعثها من جديد، وكأن الأحكام القضائية مجرد “حبر على ورق.
لم يكتف الرجل بذلك، بل ذهب أبعد حين جرّ أبناء المنطقة إلى المحاكم بتهم واهية، وصلت حد اتهام حوالي عشرين فردا بمحاولة إضرام النار والتهديد، مستنداً إلى شهادة عامل بسيط يشتغل لديه… شهادة أقرب إلى ورقة ضغط منها إلى دليل قانوني.
واليوم يعيد الرجل الكرة، متسلحاً هذه المرة بعبارة “تربية المواشي” كغطاء جديد للمشروع نفسه، وفي العقار ذاته. خطوة قرأتها الساكنة كتحايل سافر واستغلال لغياب عدد من أبنائها في الدار البيضاء. فجاء الرد سريعاً: وقفة احتجاجية رفعت شعارات قوية، حمّلت رسائل سياسية وبيئية معاً، عنوانها الأبرز: “لا للدجاج السام، نعم لكرامة الإنسان”.
أحد الفاعلين الجمعويين صرّح قائلا: “نحن مستمرون في النضال والدفاع عن حقوق الساكنة، ولا تراجع عن مطلبنا بإلغاء هذا المشروع. نناشد عامل إقليم سطات التدخل العاجل قبل أن يتفاقم الوضع.” كلام يترجم خوفا مشروعا من روائح الدجاج النافق التي ستزكم الأنوف، ومن مياه عادمة تهدد الفرشة المائية، ومن كارثة بيئية قادمة لا محالة إذا ما استمر العبث.
ويبقى السؤال معلقاً: لماذا يُفرض على القرى ما لا يجرؤ أحد على فرضه على المدن؟ ولماذا تصبح صحة الفقراء أرخص من أرباح أصحاب النفوذ؟ بين قنّ دجاج وقاعة محكمة، يختزل دوار أولاد عبد الصادق معركة المغاربة البسطاء مع جشع رأس المال… معركة عنوانها العريض: هنا تُربّى الدواجن، وهناك يُدفن الحق في الحياة.