زيارة عامل إقليم سطات للبروج تُحيي آمال الإصلاح وتضع الجميع أمام مسؤولياتهم

بقلم : عابد مصطفى
عرفت مدينة البروج، التابعة لإقليم سطات، محطة مفصلية في مسار تدبير شؤونها المحلية، تمثلت في الزيارة الميدانية التي قام بها عامل الإقليم، السيد محمد علي حبوها. زيارة فتحت نقاشًا عميقًا حول أعطاب التسيير، وطرحت بوضوح الحاجة إلى قطيعة مع ممارسات الماضي، وإرساء قواعد جديدة لمحاسبة شفافة وعمل جماعي فعّال.
قبل هذه الزيارة، كانت البروج تعيش نوعًا من الشلل المؤسسي، وركودًا تنمويًا لافتًا. فقد ظل غياب التنسيق داخل أجهزة الجماعة، وانعدام الانسجام بين مكوناتها، عاملين رئيسيين في تعثر عدد من المشاريع. هذا الوضع تفاقم في ظل ما سُمي محليًا بـ”البلوكاج الصامت” خلال فترة العامل السابق، حيث لم تُفعّل سلطة الوصاية بالشكل المطلوب، ولم يتم التدخل لتقويم الاختلالات أو تسريع وتيرة الإنجاز.
ورغم هذه الإكراهات، سطّر المجلس الجماعي الحالي مجموعة من المشاريع ذات الطابع البنيوي، كان من شأنها أن تشكل رافعة حقيقية للتنمية المحلية، لو تم تنفيذها وفق الآجال والمساطر المحددة. من بين هذه المشاريع، تبرز تهيئة الملعب البلدي بما يلبي تطلعات شباب المدينة، إضافة إلى إصلاح المسبح البلدي الذي ظل مغلقًا لسنوات، ما أثار استياء واسعًا، خاصة في الفترات الصيفية.
كما شكل مشروع إنشاء مستشفى القرب ضرورة صحية ملحة، بالنظر إلى معاناة الساكنة من التنقل إلى سطات أو برشيد لتلقي العلاج. في الإطار ذاته، تم إطلاق ورش بناء مجزرة عصرية تستوفي الشروط الصحية والقانونية، إلى جانب برنامج واسع لتهيئة أحياء المدينة التي تعاني من هشاشة في البنية التحتية.
زيارة العامل إلى المدينة مثلت لحظة فارقة، لم تقتصر على المعاينة الميدانية، بل تميزت بعقد لقاء رسمي مفتوح بمقر الجماعة، حضره كافة أعضاء المجلس الجماعي. خلال هذا اللقاء، دعا السيد العامل المنتخبين إلى التعبير بحرية عن مواقفهم، واستمع لمداخلاتهم التي حملت انتقادات صريحة لتأخر المشاريع وغياب التنسيق والتسيير الانفرادي لبعض الملفات.
وقد وجّه العامل رسائل واضحة، مفادها أن زمن المجاملات قد انتهى، وأن المرحلة المقبلة ستقوم على مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. كما أكد استعداد مصالح العمالة لمواكبة الجماعة، شريطة الالتزام بالقانون وتقديم المصلحة العامة على أي اعتبارات ضيقة.
الساكنة تلقّت الزيارة بإيجابية، معتبرة إياها نقطة انطلاقة جديدة لمسار تنموي طال انتظاره. لكن، وفي ظل تجارب سابقة لم تثمر عن نتائج ملموسة، عبّر عدد من المتتبعين عن تخوفهم من أن تبقى المبادرة حبيسة الطابع الرمزي، إذا لم تُتبع بإجراءات عملية وآليات محاسبة فعالة.
وفي هذا الإطار، تعالت الأصوات بضرورة إشراك المجتمع المدني، وتمكينه من أدواره الرقابية، بما يضمن شفافية التدبير، ويحاصر كل مظاهر التسيب والارتجال.
لا شك أن زيارة عامل إقليم سطات إلى البروج أعادت ترتيب الأولويات، وبعثت الأمل في نفوس المواطنين. غير أن تثبيت هذا المسار يبقى رهينًا بتكامل الأدوار بين مجلس جماعي يتحمل مسؤولياته، وسلطة إقليمية صارمة، ومجتمع مدني يقظ.
وإلى أن تتحول الوعود إلى واقع، ستظل أعين الساكنة معلقة على ما ستحمله الأيام القادمة من خطوات عملية في اتجاه التغيير المنشود.