رئيس المحكمة الابتدائية بسطات… قاضٍ بصفات الملائكة يحفظ للتاريخ ذاكرته

رئيس المحكمة الابتدائية بسطات… قاضٍ بصفات الملائكة يحفظ للتاريخ ذاكرته

سطات : بوشعيب نجار

بعيدا عن أضواء الإعلام وضجيج الكاميرات، يواصل القاضي علي أيت كاغو، رئيس المحكمة الابتدائية بسطات، عمله اليومي بروح المسؤولية ونبل الرسالة، مستقبلا المتقاضين بوجه بشوش وباب مفتوح، في صورة نادرة تجسد القاضي الإنسان قبل أن يكون صاحب المنصب.

عرف الرجل بين زملائه وعموم المرتفقين بصفاء سريرته وحسن إنصاته، فهو لا يكتفي بتطبيق القانون بحزم وعدالة، بل يحرص على أن يشعر كل من يلج مكتبه بأن له حقاً في الكرامة والاحترام. يعمل في صمت، بعيداً عن الاستعراض، مؤمنا بأن خدمة الوطن والمواطنين أسمى من كل الأضواء.

يمتد مسار القاضي علي أيت كاغو عبر سنوات من التجربة، حيث ترأس عدداً من المحاكم بمناطق مختلفة من المملكة، تاركا في كل محطة بصمة مهنية وإنسانية خاصة. وقد عرف عنه قدرته على الجمع بين القضاء الواقف (النيابة العامة) والقضاء الجالس (الهيئة القضائية) في تناغم تام، بما يحقق التوازن المطلوب داخل أسوار العدالة، ويعزز روح التعاون بين مختلف مكونات الجسم القضائي.

لكن ما يميز القاضي علي أيت كاغو أيضا هو شغفه بالتاريخ، إذ يحمل في جعبته قصصا وحكايات عن ماضي سطات الغابر، ويواصل منذ تعيينه على رأس المحكمة الابتدائية بسطات  جمع وثائق نادرة من أحكام قضائية وعقود بيع يعود تاريخ بعضها إلى قرن من الزمن.

وفي مبادرة غير مسبوقة، يسعى رئيس المحكمة الابتدائية إلى إنشاء متحف تاريخي قضائي بمدينة سطات داخل المحكمة ،  سيكون الأول من نوعه، يضم بين جنباته هذه الكنوز الوثائقية التي تحفظ ذاكرة المدينة وتوثق مسارها القانوني والاجتماعي عبر العقود.

وحقا، لقد أحرجتنا سيدي الرئيس، إذ جعلتنا ندرك أن جزءا كبيرا من تاريخنا قد ضاع من بين أيدينا، وأننا لم نهتم به كما يجب، لكنكم غرستم فينا حملا جميلا وثقلا نبيلاً، سنحمله مع الأجيال القادمة لنواصل هذه الفكرة النيرة في جمع وحفظ التاريخ.

حقا، ما أحوجنا في هذا الزمن إلى هذه القامة الفكرية والقانونية، التي تجمع بين الحزم والإنسانية، وبين نص القانون وروحه، لتجسد نموذجاً للمسؤول الذي يجعل العدالة رسالة إنسانية قبل أن تكون وظيفة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *