دخول القانون التنظيمي للإضراب حيز التنفيذ يفتح باب الاحتجاجات

دخل القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب حيز التنفيذ بعد استكمال ستة أشهر على نشره في الجريدة الرسمية، في خطوة اعتبرتها الحكومة استكمالاً لمنظومة القوانين التنظيمية المرتبطة بالدستور. غير أن المركزيات النقابية ترى في هذا القانون تهديداً مباشراً لمكتسبات الشغيلة، متوعدة بالتصعيد عبر الاحتجاجات أو المنظمات الدولية إذا ما استُعمل لتقييد الحق في الإضراب وتحويله من آلية نضالية إلى أداة للضغط على العمال والموظفين.
ويعد هذا النص التشريعي أول قانون ينظم بشكل مفصل ممارسة الإضراب في المغرب، بعدما ظل هذا الحق مؤطراً فقط بالفصل 29 من دستور 2011. ومع دخوله حيز التنفيذ، أصبح الإطار القانوني ملزماً، إلا أن الجدل حول مضامينه لا يزال قائماً، خاصة فيما يتعلق بتوافقه مع المعايير الدولية للعمل واتفاقيات منظمة العمل الدولية التي صادق عليها المغرب.
ويتضمن القانون مجموعة من المقتضيات المثيرة للجدل، منها ضرورة توجيه إشعار مسبق بالإضراب يحدد مدته وقطاعه والهيئة الداعية إليه، مع تحديد آجال مختلفة حسب طبيعة القطاع. كما يفرض القانون استمرار الحد الأدنى من الخدمات في قطاعات حيوية مثل الصحة والنقل والماء والكهرباء، وهو ما تعتبره النقابات محاولة لتفريغ الإضراب من تأثيره الفعلي.
ويمنح القانون السلطات القضائية والمشغلين هامشاً واسعاً للطعن في شرعية الإضراب، وحتى اعتباره تعسفياً في بعض الحالات، ما يفتح الباب أمام متابعة المضربين إدارياً أو قضائياً، وهو ما يثير مخاوف من تأويل النصوص على حساب الشغيلة.
وترى النقابات أن هذا القانون لن يوقف الاحتجاجات، بل قد يزيد من حدتها، مؤكدة أن المعركة النضالية ستتواصل دفاعاً عن الحق في الإضراب كمكتسب تاريخي للشغيلة. وفي المقابل، تعتبر الحكومة أن القانون يهدف إلى تنظيم ممارسة الإضراب وضمان توازنه مع حقوق باقي الفئات، خاصة أرباب العمل والمواطنين المرتبطين بالخدمات الحيوية، معتبرة أنه يضع حداً للفوضى التي تعرفها بعض الإضرابات العشوائية والتي تضر بالاقتصاد الوطني ومصالح المواطنين.
ويشير مراقبون إلى أن التطبيق العملي للقانون سيكون المحك الحقيقي لنجاحه، حيث سيظهر مدى قدرته على التوفيق بين الحق الدستوري في الإضراب واستمرارية المرافق العمومية والخاصة، خصوصاً في ظل الاحتجاجات المتكررة في قطاعات متعددة. ويبدو أن دخول القانون حيز التنفيذ يفتح مرحلة جديدة من شد الحبل بين الحكومة والنقابات، ويضع العلاقة بين الطرفين أمام اختبار غير مسبوق حول كيفية ممارسة الحق في الإضراب دون أن يتحول إلى مصدر لتأجيج الأوضاع الاجتماعية أو أداة لتقييد صوت الشغيلة.
وفي هذا الإطار، أكدت النقابات أن موقفها الرافض لهذا القانون ثابت وواضح منذ البداية، مشددة على أن تنزيل النص لن يوقف مسارها النضالي، بل ستستمر في الدفاع عن حقوق ومكتسبات العمال بكل الوسائل المشروعة، سواء عبر التعبئة في الشارع أو من خلال مخاطبة المنظمات الدولية المعنية بالحقوق النقابية.
وتؤكد النقابات أن أي محاولة لفرض قانون على الشغيلة دون توافق مسبق وإشراك حقيقي ستظل محل جدل، محذرة من أن الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها عدة مناطق بالمملكة أكبر دليل على أن روح النضال لا يمكن كسرها بمجرد إصدار نص قانوني، وأن الاستمرار في البرامج النضالية يمثل الضمان الحقيقي للحفاظ على مكتسبات الطبقة العاملة.