جيل المطالب المؤجلة: هل تستمع الدولة لصوت الشباب؟

جيل المطالب المؤجلة: هل تستمع الدولة لصوت الشباب؟

في تصريح مطوّل خصّ به موقعنا، دعا الدكتور في القانون العام والعلوم السياسية طلوع عبد الإله إلى فتح حوار جاد ومسؤول مع الشباب المغربي، محذراً من تكرار أخطاء الماضي في التعامل مع المطالب الاجتماعية والسياسية العاجلة.

وقال طلوع: “لا شيء أكثر حيوية من أن يطرق الشباب أبواب المؤسسات في زمن تتهاوى فيه جسور الثقة بين الدولة والمجتمع في كثير من البلدان.
وفي المغرب، ما يزال شبابنا يؤمن – حتى الآن – بجدوى مخاطبة المؤسسات، رغم تراكم الخيبات وتأجيل الاستجابات.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى سيظل هذا الإيمان قائماً إذا بقيت المطالب حبيسة المكاتب أو تمت مواجهتها بالمقاربة الأمنية بدل السياسية والاجتماعية؟”

وشدّد طلوع على أن الحق في التعبير عن المطالب الشبابية “ليس مِنّة من أحد، بل هو حق دستوري ومكتسب تاريخي راكمته أجيال من النضال الوطني”، مذكراً بمحطات مفصلية في تاريخ المغرب: “من مظاهرات 1930 ضد الظهير البربري، مروراً بانتفاضات الخبز في 1981 و1990، وصولاً إلى حراك 20 فبراير 2011، ظل الشارع المغربي مرآةً لنبض المجتمع ومختبراً لصبر الدولة على أصواته. وفي كل محطة، كانت الحكمة أو غيابها تحدد كلفة الاحتجاج وتكشف حدود السياسة أمام الأمن.”

وذكّر طلوع بما وصفه بـ”الدروس القاسية للتاريخ القريب”، قائلاً: “هل نسينا أن المقاربة الأمنية خلال انتفاضة 1981 في الدار البيضاء لم تُنهِ الأزمة، بل زادت جراح الثقة اتساعاً لعقود؟ ألم يكن اعتراف الدولة في تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة بأن كلفة القمع كانت مضاعفة للدولة والمجتمع درساً تاريخياً بليغاً؟ فلماذا إذن تتكرر اليوم بعض المؤشرات التي توحي بأننا لم نستوعب بعد أن الحلول الأمنية وحدها لا تبني وطناً متصالحاً مع نفسه؟”

وأكد الباحث أن الشباب المغربي “لا يطلب المستحيل، بل يطالب بفرص حياة كريمة، وبمدرسة عمومية تحفظ له آدميته، وبأفق اقتصادي لا يضطره إلى قوارب الموت أو انسحاب صامت نحو اللامبالاة”. وأضاف متسائلاً: “هل تستطيع مؤسسات الدولة قراءة هذه الرسائل قبل فوات الأوان؟ وهل يملك صناع القرار سعة الصدر الكافية للتعامل مع مطالب الشباب المتنوعة دون تحويلها إلى ملفات أمنية؟”

وحذر طلوع من تداعيات تأجيل الإصلاح قائلاً: “نحن في حاجة إلى حكمة القائمين على المؤسسات، وإلى استعجال صدقية الالتزامات السياسية والاجتماعية، لأن الانتظار الطويل يبدد الطاقات ويهدر الزمن الوطني. علينا ألا ننسى أن كل دقيقة تأجيل قد تساوي سنوات من الإحباط، وأن الفجوة حين تتسع بين وعود الدولة وأحلام الشباب تتحول إلى شرخ يصعب رتقه.”

وشدد على أن الرهان اليوم ليس على الشباب وحده، بل على الدولة أيضاً: “هل ستنجح في تحويل احتجاج الشباب إلى طاقة إصلاح، أم تتركه يتحول إلى طاقة غضب غير متحكم فيها؟” معتبراً أن “الحوار هو أقصر الطرق إلى الاستقرار والتنمية وأن شجاعة القرار السياسي وحدها القادرة على إعادة الثقة المفقودة.”

وختم الدكتور طلوع تصريحه قائلاً: “الشباب المغربي ما زال، والحمد لله، يؤمن بجدوى التوجه بالخطاب إلى المؤسسات، لكن الإيمان ليس أبدياً، والثقة لا تُمنح إلى ما لا نهاية.
فهل نقرأ التاريخ جيداً ونتعلم من دروسه، أم نترك عقارب الزمن تدور حتى تتكرر الأخطاء نفسها بثمن أكبر؟”

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *