المقاولات الصغيرة تدفع فاتورة غضب “جيل زد” : بين أطنان الخراب و مطالبات بالتعويض

المقاولات الصغيرة تدفع فاتورة غضب “جيل زد” : بين أطنان الخراب و مطالبات بالتعويض

في خضم الإحتجاجات التي تهزّ شوارع المغرب، تجد المقاولات الصغرى نفسها على لائحة الضحايا غير العمد، عبء تضاعف بين الأضرار المادية و النفسيات المهزوزة و المطالب الملحّة بالتعويض. تلك المكاتب و المحلات و ورشات الحي الصغير تتحوّل — في لحظة غضب شعبية — إلى ساحة صراع لا دخل لها فيه، و مع ذلك تُحسب خسائرها بالميعاد الأول.

من طرف الشباب المحتجّ، تُعتبر تلك المقاولات ضمن “الواجهة الميدانية”؛ إذ يصعب تمييزها بين واجهات محلات تجارية، محطات صيانة، معارض ملابس أو مطاعم، و بين العناصر التي تطالها عمليات التخريب و العنف العرضي. فما إن تتحوّل الإحتجاجات السلمية في البداية، إلى مواجهات أو شغب، حتى تُسجّل المحلات الصغيرة في خانة “الضرر المحتمل” — سواء من جهة الرشق بالحجارة، أو واجهات مكسورة، أو نوافذ مهدّمة، أو إقتحام و تضرّر المخزون الداخلي.

في هذا المشهد، تتردَّد أصوات التجّار و المهنيين الصغيرة التي أصبحت تعيش في حالة ترقب دائم. فبالإضافة إلى خسائر الأعياد و المواسم، هناك مثلاً من إضطرّ لإقفال محله ليومين خشية التصادم مع المتظاهرين أو منع قوات الأمن من الإقتراب، و بالتالي خسر فرصة بيعه اليومية.

و هناك من مضى إلى إعادة ترتيب تأمين الواجهات و النوافذ بزجاج مضاد للتكسير، أو تركيب كاميرات مراقبة إضافية، و تحمّل تكاليف إضافية ليست محسوبة في الحساب الإحتياطي.

في بعض الحالات، أصبحت المطالبة بالتعويض تُطرح جدياً، خصوصاً من المقاولات التي تعرضت لأضرار جسيمة — و هي مطالبة تحمل في طيّاتها أبعاداً قانونية صعبة، لأنها تتعلّق بمسألة تحديد الجهة المسؤولة : هل هو المتظاهر عنفًا، أم الجهات الأمنية التي لم تحمِّ الحيّ المالِي ؟ و كيف تُفصَّل الخطايا بين من إعتدى عمداً و من فعلت الأوضاع ما يجعل الإحتجاج ينزلق ؟

لكن الواقع أن هذه المطالب تصطدم، في كثير من الأوقات، بعائقين جسيمين : الأول هو غياب آليات قانونية واضحة للتعويض عن الأضرار الناتجة عن الإحتجاجات العامة. و الثاني هو ضعف التأطير التنسيقي بين الجمعيات المهنية و الدولة لحماية المصلحة الصغرى في زمن إحتجاج.

و هنا يُطرح السؤال : هل ستتحمّل الحكومة مسؤولية حماية المكون الأصغر في النسيج الإقتصادي من الإنزلاقات الإحتجاجية، عبر تفعيل صندوق أو ضمانات؟ أم سيظلّ التاجر الصغير وحيداً أمام زلّات الشارع ؟

ما بين الإحتكام إلى القانون و المطالبة بإلتزام الدولة بضمان الإستقرار، يقف التاجر الصغير في مواجهة مزدوجة : أن يُبقى صامداً في وجه الأزمة التي سببتها الأوضاع الإجتماعية، و ألا يتحمّل وزر الإحتجاج و هو الذي لا علاقة له بهوائه أو توجيهه. في نهاية المطاف، إن فكرة “التعويض” ليست فتيةً و ناعمة، بل هي صراع طويل على حقوق ضائعة — بين من علّق المحل، و من غُرّب الخسارة، و من سئم أن يرى الإستثمار الصغير يتلاشى تحت ضغط الإحتجاجات.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *