الحموشي بين تثبيت الأمن وإجهاض العنف:

كشفت التقارير عبر العالم أن تفشي وباء كوفيد19 والعمل على الحد من انتشاره،وأن تأثيرها المباشر على نفسية الانسان قد غير سلوكه الاجتماعي الخاص والعام، وأن الضوابط الاجتماعية الموروثة والممارسات اليومية المضبوطة، قد انهارت بين عشية وضحاها، فتغيرت أساليب العمل وتقاليد العائلات ،وفقد الشباب الناشئ البوصلة في الحياة ..
فلا رياضة ولا ثقافة ولا تسلية ..منعت الصلوات في المساجد وأغلقت المسارح والملاهي و الملاعب..وحوصرت الاحياء والمدن وبقيت المدارس والجامعات فضاءات تنتظر يوم الغد، كما أصبح التسريح عن العمل أمر مباح لقلة البيع والشراء في الاسواق والمحلات التجارية.
ازمة صحية نتجت عنها أزمة اقتصادية ومالية، وتضررت المداخيل والنفقات معا،وتبعتها إجراءات أمنية مشددة لمنع التنقلات والاجتماعات، وأصبح التواصل برا… جوا …وبحرا بين الناس والدول، معضلة تاريخية لم يسبق لها مثيل.
فالانسان الذي نشأ في جو يملؤه الحنان والتضامن والمعاشرة والاطمئنان والامن ، متشبث بالحرية والديمقراطية ،تبخرت آماله في ظروف لم تكن متوقعة ولا يدري متى سترجع المياه الى مجاريها .
الإحصائيات المتداولة محليا وعبر العالم لعدد الوفيات وخطورة الأوضاع ،زادت في الطين بلة، وأصبح الانسان بجميع مكوناته الاجتماعية ، في اضطراب نفسي حاد وخوف رهيب من الموت المرتقب..
في ظل هذه الظروف القاسية ،تضخمت ظواهر العنف الاجتماعي عن قصد أو غيره،وبدأت أعداد من الممارسات غير العادية تطفوا داخل المجتمع ، كالاغتصاب والقتل والسرقة والسطو والتهريب والاعتداءات وقطع الطرق والضرب والجرح ..وزد على ذلك من أفعال إجرامية ، سببها قلة العمل والشغل والموارد المادية لتأمين لقمة العيش أو لشراء بعض المسكنات..
هذه الظواهر تسببت في التخويف والاضطهاد النفسي في الاسر والعائلات وتكاثرت الشكايات ،وتراكمت الملفات الجنائية في المحاكم بسبب الحجر الصحي ،و قد ينفلت الأمن إذا استغل من طرف أياد خفية مخربة، تتربص بالبلاد والعباد كالتطرف الاصولي والسياسي والاقتصادي العولمي..
لم يبق للدولة الا استرجاع سلطتها بقوة ،كما هو الشأن الآن في كثير من الدول، للأخذ بزمام الأمور وإعادة النظر في استراتيجيتها السياسية والأمنية، و في الأسلوب الديمقراطي والإداري المتبع لإصلاح ما قد يطيح بالنظام الداخلي،لان النظام العالمي والمالي لما بعد كورونا ،سيكون اكثر صعوبة وفتكا للدول غير المهيكلة .
فالمؤسسات الأمنية والترابية والإنسانية، تشكل الحصن الواقي لضمان الحياة العامة للوطن والمواطنين ،وحان الوقت لمن راكموا ثروات باهظة أن يساهموا في توطيد العيش الكريم بين المواطنين، ولا يتناسوا أن المديونية ثقل على الأجيال القادمة..