التقني المتمرد يشعل جدلا بالحوازة.. هدر للمال العام وتحدٍ للرئيس

يدخل التسيير الجماعي بجماعة الحوازة نفقاً مسدوداً، بعدما طفت إلى السطح مظاهر تمرد إداري داخل المكتب التقني، عكست حجم الاختلالات التي تنخر المرفق العمومي، وتكشف عن هشاشة الانضباط الوظيفي الذي يفترض أن يكون قاعدة لأي إدارة محلية.
فقد أثار رفض أحد الموظفين تنفيذ تعليمات رئيس المجلس الجماعي، بخصوص التفاعل مع مراسلة صادرة عن المجلس الإقليمي تهدف إلى إعداد بطائق تقنية قصد الاستفادة من آليات إصلاح المسالك الطرقية، موجة استنكار واسعة. ليس فقط بسبب التعطيل المتعمد لمصالح الساكنة، ولكن أيضاً لكون هذا الرفض تم في أسلوب يفتقد إلى اللياقة واحترام المسؤولية، وبشكل علني أمام مرأى الجميع، مما يشكل ضرباً لمبدأ الأخلاقيات المهنية داخل الجماعة.
الأخطر أن الموظف المعني، المعروف بولائه السياسي لأحد الفاعلين، يضع الولاءات فوق منطق المرفق العمومي. بل أكثر من ذلك، تشير المعطيات إلى استغلاله سيارة المصلحة الموضوعة رهن إشارته خارج أوقات العمل، مع استهلاك وقود الجماعة دون حسيب أو رقيب، في صورة صارخة من صور هدر المال العام.
وفي مفارقة مثيرة، نجد موظفين آخرين يشتغلون في صمت وتفانٍ، يتنقلون على نفقتهم الخاصة لضمان استمرارية الإدارة وخدمة المواطنين. بعضهم لا يتردد في المغامرة بنقل أموال الجماعة إلى الخزينة الإقليمية عبر سيارات الأجرة، معرضاً نفسه وممتلكات الجماعة لمخاطر جمة، في غياب أي توفير لوسائل نقل رسمية وآمنة من طرف المجلس.
هذه التناقضات تكشف عن ازدواجية قاتلة: موظفون ملتزمون يضحون بوقتهم ومالهم خدمةً للصالح العام، مقابل آخرين تُسيّرهم الحسابات السياسية الضيقة ويستغلون موارد الجماعة بلا رادع. وهو ما يطرح بحدة سؤال المحاسبة وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمساءلة.
إن ساكنة جماعة الحوازة لا تطلب المستحيل، بل إدارة جماعية قوية، نزيهة، ووفية للمصلحة العامة، بعيدة عن العبث السياسي والاستغلال غير المشروع للموارد. المطلوب اليوم ليس فقط ضبط الخلل، بل وضع حد لثقافة الإفلات من العقاب التي تسمح بانتشار مثل هذه السلوكات، حتى لا يبقى شعار الإصلاح مجرد حبر على ورق.