افتتاحية مجلة 24 : ديمقراطية القطيع

افتتاحية مجلة 24 : ديمقراطية القطيع
بقلم: فؤاد الجعيدي

لمجرد أن لا تقبل بمزيد من التنازلات، تصبح في نظرهم عدوا يحق فيه الجهاد بكل رعونة.
لكن متى كنت تهلل وتردد وصايا الآخرين، مثل قن أو عبد من عبيد زمن ولى ومضى إلى غير رجعة، أنت في نظرهم السلوك المثالي والنموذج الاجتماعي الذي يراهنون عليه في كل المحطات.
تختلف الأحزاب والحساسيات والجذور لكن القاسم المشترك بينها، أن تظل تحت عباءة شيوخهم، وتردد نفس الكلام عن المعارك الوهمية وعن الانتصارات التي لا ترى نفعها.
أن تكون بكل بساطة صوت سيده، مثل علامة تجارية تحظى بالتسويق الواسع وسط الحواريين.
هنا ضاعت الديمقراطية في بيوت القبائل السياسية، تلك الديمقراطية التي يفهمها العالم الحديث والمتشبع باحترام حقوق الناس، على أنها الوسيلة التي تتيح للناس إمكانيات المشاركة في صناعة قرار اقتنعوا بأهميته وجدواه وأثار نتائجه على حياتهم اليومية.
الديمقراطية بكل بساطة أن يكون لك الحق الكامل في التعبير الحر على قناعاتك وتطلعاتك، دون ترهيب لكن عبر الحوار يأخذ من مواقفك ما يتلاقى مع مواقف الآخرين.
لكن في كل الأحوال والظروف الحياتية، تعيش مفارقات يومية مع الناس
الذين يتمثلون أن لهم الحق في التعبير عما يشاؤون ويرفضون عن طواعية واختيار أن لا يحرموا من هذا الحق، لكن متى جاء دورك في التعبير والإفصاح عن مواقفك، تصدوا لك بالتسفيه والتجريح ونازعوك فيما لا يقبلون بالنزاع حوله حين يرتبط بذواتهم.
الديمقراطية في هذه الأحوال، تأخذ أبعاد القطيع الذي يردد ولا يبدع الذي ينطق ولا يفكر ولا يزيغ عن ترديد الوصايا.
القاموس السياسي المغربي، أنتج في هذا المجال أطروحات يومية وصنع في البلاد مشائين، يجيدون ترديد الشعارات التي تخلق بشرا لا يقوى على صناعة الفوارق والتمايز. هذا القاموس نجح في بثر مقولة أرسطو التي تفيد أن الإنسان حيوان ناطق. لكن متى فقد القدرة على النطق وعلى التعبير الخلاق صار قطيعا ليس إلا ؟

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *