افتتاحية مجلة 24 : بلغ السيل الزبى

افتتاحية مجلة 24 : بلغ السيل الزبى
بقلم فؤاد الجعيدي

وصل التذمر من حزب العدالة والتنمية، إلى أقصى مراحله، فعلى الواجهة الاجتماعية، النقابات تعيش على صفيح ساخن، من جراء تسريحات العمال، واشتداد الأزمة في ظل تداعيات كوفيد ،19 إلى جانب أن الحكومة، في هذه الظروف البالغة التعقيدـ فقدت بوصلتها في التعاطي الايجابي، مع الأحداث وعملت على صب الزيت على النار، سواء في محاولاتها الهادفة لتمرير مشروع قانون الإضراب، أو تلك التي تناور على مراجعة مدونة الشغل لتصريف بنود تمنح لأرباب العمل المزيد من المرونة في التخلص من العمال بقوة القانون.
عضو من الفريق البرلماني، لنفس الحزب، بادر إلى شن هجوم قاس على رواد المواقع الاجتماعية ونعتهم بصفات الشعبوية، وطالب دون وجه حياء، أن يتم لجم هذا المد، الذي باتت التكنولوجيا الرقمية اليوم، تدعم به الناس للتعبير عن مواقفهم من الحياة والسياسات العمومية.
الغريب، أن هذه الأحداث والمواقف، تتوالى وتتطور في سياق الدعوات الملكية التي تحت الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين، إلى التصدي للاختلالات التي تعرقل النمو، وتعمل على استهاض الهمم للبحث في نموذج تنموي جديد، يؤهل البلاد للخروج من ضائقتها التي امتدت لعقد من الزمن.
الخطابات الملكية دشنت تعاطيا جديدا باستحضار مشروع، لمواجهة هشاشة الأوضاع الاجتماعية وانشغلت بتوفير آليات، للحماية الاجتماعية.
لكن التدبير الحكومي، بات يعمل في كل يوم على افتعال أزمات وخلق جبهات للتطاحن، تعبر في عمقها عن عدم القدرة على التوافق مع تطلعات عاهل البلاد، الذي يصر على تغيير المقاربات التي أنتجت المشاكل التي تعاني منها اليوم، البلاد برمتها.
ومن دون شك أن هذه المواقف والممارسات، غدا ينظر إليها الناس على أنها الأزمة بعينها وأن الحكومة بأدائها السياسي المتعثر صارت كلفة لم يعد المجتمع يتحمل عواقبها. وصار من الطبيعي أن يطالب الشعب، بإيقاف هذا النزيف للمالية العمومية، ويعلن جهرا بضرورة العفة على تخصيص أجور، لوزراء ونواب أصحاب الأداء الباهت. وأن يطالبوا بإعادة النظر في هذه الامتيازات، من باب التضامن الاجتماعي.
أخلاقيا هذه الدعوات، تجد لها المبررات الموضوعية في واقعنا الوطني، ومرة أخرى من باب الأخلاق والعفة، أن يبادر السياسيون ويقدموا النموذج الأمثل في التخلي عن كل امتياز بات يضر بمصالح الوطن العليا ويرهن مصير الأجيال القدامة، بمزيد من الاقتراض,

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *