افتتاحية مجلة 24..التدبير الحكومي بين السياسي والشياشي

افتتاحية مجلة 24..التدبير الحكومي بين السياسي والشياشي
بقلم: فؤاد الجعيدي


( أستسمح القراء اليوم استعرت لفظة الشياشة من قاموس اللهجة المغربية والتي هي مشتقة من فعل شييش أي حرك الشياشة وهي اسم آلة لإحداث هواء خفيف على النار لإشعالها.)
يقول المغاربة كثرة الهم يضحك، لكنه ضحك كالبكاء، هذا هو حال حكومتنا الموقرة والتي لم تكن منذ تنصبيها، حكومة قادرة على امتلاك مشروع سياسي لمواجهة التحديات التي تواجها البلاد، مما اضطر معه عاهل البلاد إلى خلق لجنة للتفكير في نموذج تنموي جديد للبلاد، واضطر ثانية لتوجيه العمل الحكومي نحو مشروع محدد من حيث الإنجاز في الخمس سنوات المقبلة، والمتعلق بتعميم التغطية الصحية على كل المواطنين المغاربة، وفي المرحلة الثانية من هذا المشروع تعميم التقاعد في كل القطاعات، وإحداث تعويض عن فقدان الشغل للعاملين في القطاع الخاص.
ومن بين الخلاصات التي نستنتجها من هذه المواقف والأوضاع، أن الحكومة تكتفي بتصريف الأعمال، في ظل فقدانها لأي رؤية استراتيجية لمواجهة الأوضاع التي تزداد صعوبة يوما عن يوم، وفي كل المجالات الحياتية التي تتعلق باليومي والمعيشي للمواطنين.
لكن في المقابل، هؤلاء السياسيون تطول ألسنتهم في تنظيماتهم السياسية والشبابية، بالخطابات الشعبوية التي لا تنتج سوى، الحماس المطلوب في هذه اللقاءات، لكنها لا تقو على التوفير المادي الملموس لشروط العيش الآمن إزاء تقلبات الأوضاع في ظل الأزمات.
إني اليوم أكتشف في كثير من هؤلاء السياسيين قدرات هائلة على حسن استخدام الشياشة، لبعث هواء خفيف على كل الأحزان والمآسي التي يعيشها المواطنون البسطاء، ويدركون جيدا أن هؤلاء بالذات هم الخزان الحقيقي للانتخابات القادمة، ويتجرؤون على وصف أوضاعهم المقلقة ويتفننون في تقليب الأوجاع، وهي ليست ممارسات مستحدثة بل مرتبطة بنظامنا السياسي وأحزابه.
من بين هؤلاء الشياشيين، من يطالعنا اليوم بتنظيرات حول أداء أصدقائه في الحكومة ويعدد تعثراتهم، لكن لا يقدم لنا جوابا عن الموانع التي حالت بينه وبين تصريف اجتهاداته يوم كان في منصب المسؤولية الوزارية، ولا يفسر لنا قلة إطلالته علينا يوم كان يتربع على سلطة القرار وله من الاختصاصات ما يؤهله، لتمتيعنا في حناء يديه.
إن هذه الخرجات للشياشين وعلى مختلف تلويناتهم، تكاد تعطينا انطباعا أنهم يحتقرون الذكاء الجماعي في عقول الناس ولا يتوقعون قدرتهم على التمييز.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *