مآسي سطات : صراع الهوية في ظلال المصالح المتنازعة
في أعماق مجلس جماعة سطات، تُحاك التحالفات كما يُحاك نسيج العنكبوت، بخيوط رفيعة لا تُرى بالعين المجردة، لكنها كفيلة بإسقاط كل من يقترب منها. هنا، لا تُدار الأمور ببراءة ولا تسير بدافع المصلحة العامة. كل قرار يُرسم كضربة على رقعة شطرنج، حيث القطع تتحرك بمهارة لا تترك مجالاً للصدفة. إنه مسرح تتراقص فيه المصالح الشخصية على أنغام تُعزف في الخفاء، والجميع يعرف دوره، مُلقنًا بكلمات تحمل بين طياتها وعودًا خاوية. إن هذه التحالفات ليست إلا مرآة تعكس واقعًا مُرًا، حيث باتت المصالح العامة مجرد قناع يُرتدى للحظات، ثم يُلقى به في ركن مظلم حين تنتهي اللعبة. تلك العيون التي تجتمع حول الطاولات لا تنظر إلى الأفق البعيد، بل تقتصر رؤيتها على حدود مصالح آنية لا ترى أبعد من مكاسب زائلة. وفي سياق هذه التحالفات، يظهر أن القيم التي يُفترض أن تحكم العمل السياسي قد تآكلت، تاركةً خلفها ممارسات تُهدد كيان المدينة. علاوة على ذلك، نجد أن المجلس يُدار لا لتحقيق التنمية، بل لصياغة تحالفات جديدة تُقام فيها الولاءات على أنقاض ما تبقى من ثقة المواطنين. فلا شيء يُبنى ليبقى، ولا شيء يُقال ليُصدَّق، وكأن المصالح الشخصية قد نصّبت نفسها فوق كل اعتبار. إنها لعبة القوة والنفوذ، التي تُلعب فيها أوراق المدينة كورقة في يد من يسعى للسيطرة، غير مكترث بما ستؤول إليه الأمور. نتيجة لذلك، تبقى سطات جريحة، تنتظر من يخرجها من قبضة تلك التحالفات التي لا ترى فيها سوى فرصة لتعزيز المصالح. إنها مدينة تبحث عن من يحمل همومها بصدق، ويعيد إليها بريقها الذي أطفأته الحسابات الضيقة. وبالنظر إلى ما سبق، يتضح أن مستقبل سطات يتطلب رؤية جديدة، تضع الصالح العام فوق كل اعتبار، وتنقذ المدينة من براثن الفساد والمنافع الشخصية.