كلمة حركة قادمون وقادرون – مغرب المستقبل، بمناسبة الموسم الدراسي الجديد 2020/2021
تحية طيبة وبعد،
في البدء، أصالة عن نفسي ونيابة عن كل نشطاء حركة قادمون وقادرون- مغرب المستقبل، بالداخل والخارج، أتمنى لكافة أطر وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والبحث العلمي، والأسرة التعليمية جمعاء، كامل التوفيق بمناسبة، بداية الموسم الدراسي الجديد.
كما أتمنى لتلامذتنا وطلبتنا الأعزاء، في مختلف ربوع الوطن، دخولا تعليميا موفقا، ومسارا تربويا مكللا بالنجاح والتفوق، و تحدي الصعاب التي قد تواجههم طوال هذه السنة، جراء إكراهات كوفيد-19.
و بما أن المناسبة شرط، مناسبة الدخول المدرسي والجامعي الاستثنائي، بفعل اتساع رقعة بؤر جائحة كورونا ، فإني اخترت أن أحصر كلمتي بعد التحية و تثمين كل الإجراءات المتخذة للحد من هذا الوباء، و تضييق بؤره، في مقصديتين رئيسيتين، تتفرع عنهما مقاصد عدة.
المقصدية الأولى: و هي ضرورة إعادة الاعتبار للتعليم باعتباره أولى الأولويات، إذ لا تقدم إلا به، و لا بناء لمغرب المستقبل الذي تنشده حركتنا، إلا بالاهتمام بناشئة و طليعة بلادنا، من خلال بلورة نموذج تعليمي وطني، ديمقراطي، منتج و خلاق يتجاوز عثرات النماذج التعليمية الفاشلة.
و إذا كنا في ما مضى نتعلل بضعف الميزانية أو غياب فلسفة ومنظومة تليق بالمغاربة، فإن جائحة كورونا فرضت اليوم علينا وعلى العالم برمته، إعادة النظر في كل شيء، و خلق البدائل والحلول، لاستمرار حياتنا بشكل أفضل، و ليغدو التعليم أفضل مما كان عليه، لا بد من اقتران برامجه بمبادئ وقيم فضلى، في طليعتها تكريس المساواة ومناهضة التفاوتات بين متعلمي مغاربة العالم القروي وسكان الجبل والواحات والسهول وضواحي المدن الكبرى والمتوسطة، و متعلمي الحواضر ، و الحرص على عدم تعطيل العملية التعليمية أو إلغائها، بدعوى تفشي الجائحة ، من هنا ندعو الوزارة الوصية إلى اختيار أنجع الطرق لاستمرار التمدرس، و تمكين التلاميذ والطلبة من مواصلة دروسهم ومحاضراتهم بأيسر الوسائل، سواء أكانوا تلاميذ مدارس عمومية، أو مدارس خصوصية، أو جامعات ذات الاستقطاب المفتوح، أو مدارس ومعاهد عليا، ومعاهد البحث ومدارس البعثات الأجنبية، وتوفير كل شروط السلامة في المدارس والجامعات والمعاهد باعتبار المدرسة بشكل عام هي المكان الطبيعي للتعلم والتحصيل والتكوين بشهادة الجميع الذين لم يلمسوا في التعليم عن بعد تلك النتائج التي كانت مرجوة منه، لأن الوزارة اضطرت إليه، ولم تختره طواعية، و لم تضع له خططا و مداخل لنجاحه، خاصة في مغرب الحاشية السفلية المحروم أبناؤه من أدنى شروط العيش، فما بالك بالتقنيات الرقمية!.
أما المقصدية الثانية : التي أود أن أشير إليها في هذه الكلمة، فهي ضرورة تضافر جهود كل الفاعلين من أجل تعليم متميز، و معمم و متكامل، و قائم على العدالة المجالية وتكافؤ الفرص بين كل المغاربة، فعلى الجميع اليوم: حكومة، ووزارة، و أكاديميات، و مديريات، وجامعات وكليات ومعاهد و أطر إدارية وتربوية و نقابات وجمعيات أولياء التلاميذ و مجتمع مدني، أن يتجندوا و يبدعوا حلولا عملية ناجعة قابلة للتنزيل على أرض الواقع من أجل تجويد التعليم وتحديثه و توحيده، و هذا التوحيد يقتضي الاشتغال بروح وطنية جماعية، تعلي من قيمة الحوار والتواصل، و الابتكار، بدل الاشتغال بمنطق أحادي فوقي، يعمق من أزمة التعليم، و يجعل كل فئة تتغنى بمقترحاتها وتبخس مقترحات الآخرين، وخير دليل على ما قلت، هو اللغط الذي يلي كل بلاغ فجائي صادر من الوزارة الوصية على القطاع.
و في ختام هذه الكلمة، وفي ظل هذه الشروط المجتمعية الخاصة،
ونظرا للوضعية الوبائية التي تعيشها بلادنا حاليا، والتي تتسم بارتفاع في عدد الإصابات بكوفيد -19، و ضرورة الإجراءات الاستثنائية التي يطبعها الاحتراز والتقيد بكل شروط السلامة الموصى بها لتأمين المؤسسات التربوية التعليمية و العائلة التربوية، أتمنى أن نعيد للتعليم بريقه، وأن نرى في الجائحة مميزاتها ونتخذ إكراهاتها مطية للإصلاح الحقيقي و للخلق والابتكار وتجاوز النقائص والمعوقات السابقة على أساس الحوار الإيجابي، وفق سياسة عقلانية معتمدة تراعي تطور الوضعية الوبائية ببلادنا بتنسيق مع السلطات المحلية والصحية، و أن نؤمن بأن التعليم والوطنية الحقة وجهان لعملة واحدة عنوانها مغرب المستقبل الذي تنشده حركة قادمون وقادرون-مغرب مغرب المستقبل.
الرباط، في 7 شتنبر 2020