ركود في سوق العقار بالمغرب.. تراجع القدرة الشرائية للمواطنين ينذر بمزيد من الأزمة

يعيش سوق العقار في المغرب على وقع ركود واضح، بات يثير قلق المنعشين العقاريين والمستثمرين على حد سواء. فقد سجلت المعاملات العقارية خلال الفصل الأول من سنة 2025 تراجعاً حاداً بنسبة 30,3 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، حسب معطيات صادرة عن “مؤشر أسعار الأصول العقارية”، الذي تنجزه الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية بشراكة مع بنك المغرب.
الانخفاض طال أساساً مبيعات العقارات السكنية، التي تراجعت بنسبة 29.3 في المائة، بينما ظل مؤشر الأسعار شبه مستقر، مع تسجيل ارتفاع طفيف بنسبة 0,1% في أسعار السكن، وانخفاض بنسبة 0.1% في أسعار الأراضي الحضرية و0.3% في أسعار العقارات ذات الاستعمال المهني.
يرى عدد من المتتبعين أن هذا التباطؤ يعكس عدة عوامل مترابطة، تتداخل فيها الأسباب الاقتصادية والاجتماعية، وكذا التنظيمية، ومن أبرزها:
ارتفاع كلفة المعيشة وتزايد نسب التضخم أثرا بشكل مباشر على قدرة فئات واسعة من المواطنين على الاستثمار في السكن، خاصة في ظل غياب حلول تمويلية ملائمة للطبقات المتوسطة والفقيرة.
رغم انخفاض نسبي في معدلات الفائدة، فإن شروط الحصول على قرض عقاري لا تزال معقدة، ما يحدّ من الطلب، خصوصاً في المدن الكبرى.
العديد من المنعشين يشكون من غياب برامج دعم فعالة، وتراكم الضرائب والرسوم، مقابل محدودية التسهيلات الإدارية والجبائية.
يفضّل العديد من المواطنين تأجيل قرارات الشراء في انتظار انخفاض محتمل للأسعار أو صدور برامج دعم حكومية جديدة، ما يعمق من حالة الجمود في السوق.
يعاني السوق من فائض في بعض أنواع السكن (خصوصاً السكن المتوسط المرتفع)، مقابل ندرة في السكن الاجتماعي أو الاقتصادي الذي يلبي احتياجات الفئات الأكثر طلباً.
الوضع الحالي يدفع فدرالية المنعشين العقاريين إلى دق ناقوس الخطر، والمطالبة بخطة استعجالية لإنعاش القطاع، تشمل تحفيزات جبائية وتيسير الولوج إلى التمويل، إلى جانب مراجعة السياسات السكنية بما يتماشى مع الحاجيات الحقيقية للمواطنين.
في المقابل، يُتوقع أن يستمر هذا الركود في حال عدم اتخاذ إجراءات ملموسة، ما سيؤثر سلباً على مناصب الشغل المرتبطة بالقطاع، وعلى دينامية النمو الاقتصادي ككل، باعتبار أن قطاع العقار يشكل أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني.
في ظل هذا السياق، يبقى الرهان على تحقيق توازن جديد بين العرض والطلب، وتحسين مناخ الاستثمار في القطاع، مع دعم حقيقي للطلب الداخلي، كفيل بتجاوز الأزمة وإنعاش السوق العقارية بالمغرب.