مأساة في أصيلة: طفلة تدفع ثمن عنف معلمة… فاجعة تهز أسوار التعليم الخاص

مأساة في أصيلة: طفلة تدفع ثمن عنف معلمة… فاجعة تهز أسوار التعليم الخاص

في حادثة تهز وجدان كل غيور على براءة الطفولة وسلامة العملية التعليمية، تتكشف فصول مأساة مؤلمة بطلتها طفلة قاصر في الثامنة من عمرها، تلميذة بالمستوى الثاني ابتدائي بمؤسسة خاصة بمدينة أصيلة. فبدلا من أن تجد في رحاب مدرستها ملاذا آمنا للعلم والمعرفة، وجدت نفسها ضحية لعنف مروع ومتواصل، لفظي ومعنوي وجسدي، على يد من أوكلت إليها مهمة التربية والتعليم.

الشكاية التي تقدم بها والد الطفلة المكلوم لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بأصيلة، ترسم صورة قاتمة لمعاناة طفلة فبحسب الشكاية، لم تكن الاعتداءات مجرد حوادث عابرة، بل كانت سلسلة من الممارسات الممنهجة التي بدأت بـ العنف اللفظي، حيث كانت تتعرض للتنمر المستمر والصراخ المباشر، مما أدى إلى تآكل ثقتها بنفسها وتدمير بيئتها التعليمية الآمنة.

ولم يتوقف الأمر عند حدود اللفظ، بل امتد إلى العنف المعنوي الذي تمثل في التقليل من شأن الطفلة وتجاهلها المتعمد داخل الفصل، والنيل من إجاباتها، ورفض الأستاذة المستمر لتصحيح أخطائها، على عكس بقية زملائها. هذا التمييز الفاضح، زرع في نفس الطفلة شعورا عميقا بالاضطهاد والعزلة داخل محيط يفترض أن يكون حاضنا للجميع.

لكن الصدمة الحقيقية تتجلى في العنف الجسدي الذي تعرضت له الطفلة البريئة. ففي مرات عديدة، كان آخرها يوم 27 ماي 2025 حيث تعرضت الطفلة للضرب المبرح والمتكرر في أماكن متفرقة من جسدها. هذا الاعتداء لم يكن مجرد ادعاء، بل تم توثيقه بـ شهادة طبية تثبت مدة عجز، مع إحالة الطفلة على طبيب نفسي للأطفال، الذي أكدت شهادته أنها تعاني من حالة نفسية مرضية تستلزم علاجا نفسيا إلزاميا.

إن ما تعرضت له هذه الطفلة لم يتركها سليمة، بل خلف آثارا وخيمة على جميع المستويات. فـالتدهور النفسي الحاد أصبح واقعا ملموسا، حيث أضحت الطفلة تتخوف بشدة من الذهاب إلى المدرسة، وتعيش حالة من الانزواء والانكماش على ذاتها، فضلا عن معاناتها من صعوبة في النطق أحيانا. كما أن تأثرها الدراسي الملحوظ انعكس في تراجع مستواها بشكل كبير، وعجزها عن المراجعة المنزلية.

الأكثر إيلاما هو حالة الخوف الشديد التي تظهر عليها بمجرد ذكر سيرة أستاذة الرياضيات، حيث تدخل في نوبات بكاء شديد عند سؤالها عن حالها. وفي شهادة صادمة، صرحت الطفلة أنها تتعرض لعنف شديد من طرف الأستاذة ولا تستطيع البوح بذلك خوفا من بطش الأستاذة وانتقامها منها. هذه الكلمات تكشف عن حجم الرعب الذي كانت تعيشه هذه الطفلة في صمت.

إن هذه الوقائع المؤسفة لا تشكل مجرد تجاوزات فردية، بل هي انتهاك صارخ للقانون، ولمبادئ حقوق الطفل وحمايته من العنف. إنها فاجعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، تدق ناقوس الخطر حول سلامة أبنائنا في المؤسسات التعليمية، وتطرح تساؤلات جدية حول الرقابة على التعليم الخاص ومسؤولية المؤسسات التعليمية في توفير بيئة آمنة ونفسية سليمة لأجيال المستقبل.

إن هذه القضية ليست مجرد شكاية فردية، بل هي صرخة استغاثة من طفلة تعرضت لظلم فادح، وتذكير مؤلم بأن مسؤولية حماية أطفالنا هي أمانة في عنق المجتمع بأسره، وأن أي تقاعس في هذا الجانب هو تهاون لا يغتفر. فهل ستجد هذه الطفلة العدالة التي تستحقها، وهل سيشكل هذا الحادث نقطة تحول لضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي في مدارسنا؟

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *