وشهد شاهد من أهلها

وشهد شاهد من أهلها
بقلم فؤاد الجعيدي

التعثرات التي تعرفها المملكة منذ عقدين من الزمن، على مستوى الأداء السياسي لأعضاء الحكومة ، جاء السيد والي بنك المغرب ليكشف عن حقيقة الأعطاب التي تعرفها آليات التسيير والتدبير الحكومي.
على العموم أعضاء الحكومة يفتقدون للمصداقية، ولا يتوفرون على مشاريع برامج، قابلة للتنفيذ وقادرة على تمكين الاقتصاد الوطني من تجاوز الصدمات التي تلقاها خلال جائحة كوفيد 19.
وشكيب بنموسى في استقباله للفرقاء السياسيين، لم يلمس في مرافعاتهم سوى إنشاءات بلاغية، لا تقو على تقديم تصورات جديدة لنموذج تنموي يؤهل البلاد لتجاوز أزماتها البنيوية.
وحين يعلن عاهل البلاد، عن مشروع للحماية الاجتماعية، كمشروع يتوخى التصدي لهشاشة الأوضاع الصحية، وتمكين شرائح واسعة من الاستفادة من أنظمة الحماية الاجتماعية، تسارع الأحزاب لتلقف هذه الدعوة والتناظر حولها ولكأننا بها اكتشفت العجلة.
إن المخاضات المطلوبة اليوم، لدى القوى السياسية المؤهلة بمناضليها وتراثها السياسي والإيديولوجي، ليس الرهان على المقاعد الانتخابية بالسعي على إعادة إنتاج نخب سياسية، قادمة من الإرث الإقطاعي ومرتبطة في أصولها بالهيمنة القبلية، بل البحث في النخب السياسية العالمة والمنتمية للحقول المعرفية في الجامعات المغربية، وهي نخب مؤهلة من طبيعة مواقعها الاجتماعية على العمل، لإعادة الاعتبار لقيم العمل السياسي وإبداع الأفكار التي تتطلبها درجة نضج أوضاعنا الوطنية والمكاسب التي تحققت عبر كفاح يمتد إلى حقبة التحرر الوطني.
إن ابعاد المثقفين عن الحقل السياسي، من طرف القوى السياسية، واحتضانها لقوى لا تتمثل سوى الدفاع عن مصالحها الأنانية، من كبار الفلاحين المتمدنين وإقبالهم القوي على البحث عن تزكيات سياسية، قد جعل من بعض القوى السياسية اليسارية، تفقد نكهتها الطبقية التي خرجت من رحهما، وسقطت في شراك التدافع على مناصب وزارية، ثم لم تصمد فيها على تصريف رؤاها السياسية ومواقفها المبدئية من الإصلاحات المطلوبة في واقع هيمن عليه التراجع عن مكاسب تطلبت أشواطا من الصراع للإقرار بها والفوز بنتائجها.
إن الانتكاسات المسجلة بعد المصالحات الوطنية، باتت تدفع بالناس إلى القول: (بأن كل أبناء عبد الواحد واحد) ، وزاد من هذا الشعور الكاذب في أذهان الناس عاملان اثنان:

  1. أن قوى بعض قوى اليسار تحالفت مع قوى يمينية رجعية، سرعان ما أقدمت على إجراءات قاسية في حق الأجراء وعموم الكادحين.
  2. أن هذه الرجعية اليمينية، التي مثلها حزب العدالة والتنمية، عرف خلالها العمل السياسي بالمغرب أسوء التبخيس والتنابز ونفور الناس من الثقة، في نبل العمل السياسي وجدواه في تغيير الواقع واستثمار تطوراته ومكاسبه للارتقاء بالأوضاع نحو معيش أفضل.
    لقد دقت عقارب الساعة، لتقديم النقد الذاتي المطلوب من طرف هذا اليسار، سميا أن بعض رجال الدولة والذين يمسكون بمؤشرات التدهور، يشيرون بأن موضع الداء هو في هذه التنظيمات بالذات والتي تخلت كليا على روابطها بالجماهير وأدارت ظهرها لمطالبهم العدالة في التقدم الاجتماعي والازدهار الاقتصادي.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *