ما هكذا تورد الإبل يا معالي الوزير أمزازي في قضية عزل الأستاذ ناشيد سعيد من وظيفته
بقلم فؤاد الجعيدي.
جرت العادة حين يتكلم رجال الدولة، أن تكون لهم الجرأة السياسية لقول الحقيقة، وكلامهم يأتي لتنوير الناس فيما هم فيه مختلفون.
نسجل على السيد معالي الوزير تأخره في الرد على افتتاحيتي جريدتنا يوم اندلع، ما بات يعرف بقضية المفكر والأستاذ سعيد ناشيد، حيث عملنا على تحليل تداعيات هذه القضية، تحت عنوان المدير الإقليمي لوزارة التعليم بسطات في ورطة كبرى، ثم جاءت الافتتاحية الثانية ناشدنا فيها تدخل معاليه العاجل لوضع حد للانزلاقات التي لفت الملف في حضيرة المجلس التأديبي.
لكن معاليه إما لم يطلع على الافتتاحيتين، أو أنه عمد إلى التجاهل من أجل إتمام الطبخة، التي أعد لها بأسلوب سيء. وأنه حين استيقظ كان همه الوحيد هو مزيدا من التبرير، لهذه الزلة الكبرى زلة العزل من الوظيفة.
لماذا ارتأى معاليه تأخير الرد منذ أواسط نونبر 2020 إلى غاية 21 أبريل 2021 لإصدار بلاغه التوضيحي والذي لم يزد الوضع إلا غموضا وعبثا.
لقد أكدنا أنه بتاريخ 28 يناير 2020 استدعي الأستاذ ناشيد لمكتب المدير الإقليمي لسطات، وفي ذات الوقت كان أحد الأشخاص الذي يحمل صفة الانتماء للنقابة الموالية للعدالة والتنمية حاضرا في قضية لم يكن معني بها، لكن وجوده أثار أكثر من سؤال؟ ويوم انعقاد المجلس التأديبي انفرد نفس الشخص الذي يحمل الصفة النقابية بالمدير الاقليمي قرابة الساعة؟ وتساْلنا عن دواعي وخلفيات هذا الحضور، والذي لم يكلف معالي الوزير نفسه لتقديم الإضاءات المطلوبة والمفسرة لألغام هذا الوضع.
طيب، معالي الوزير ليتسع منك الصدر، كيف نفسر أن مدير المدرسة وهو الرئيس المباشر للأستاذ ظل مغيبا طيلة هذه المدة وهو المرتبط بشكل مباشر بالأستاذ ونشاطه اليومي داخل المدرسة.
لماذا تؤكدون في بيانكم التوضيحي على أن مصالحكم اعتمدت على تصريح لمدير؟ ومتى كانت الإدارة وهي التي يتوفر فيها للأطر البيداغوجية أختام ومنوط بهم صياغة تقارير، اللجوء إلى تصريحاتهم والاخذ بها؟ أليس هذا عبثا.
ألم يسبق لمدير ثانوية الرازي بسطات أن أكد بواسطة رسالة موجهة للنائب الإقليمي يوم يعهد للأستاذ ناشيد، بتدريس الفلسفة أنه كان موضع إعجاب وتنويه من مفتش المادة، وما يتمتع به من تجربة وحنكة في التدريس ومن معرفة واسعة بالمادة.
وأنه يحظى بإجماع التلاميذ والتفافهم حوله، الشيء الذي جعلهم أكثر حضورا واهتماما بمادة الفلسفة.
إنني ألفت نظر معاليكم لرسالة ربما وأكيد، لم يسبق لكم الاضطلاع عليها والتي تنتهي بهذه العبارة التي صاغها مدير ثانوية الرازي ( سيدي النائب، إني إذ أضع بين أيديكم هذا الطلب، لأتمنى أن توفوه حقه من الدراسة والتمعن، وأن تستجيبوا لما فيه خير الصالح العام والسلام.)
الغريب أنكم معالي الوزير تطالعنا بما تم تسريبه والترويج له عبر عدة أبواق مستخدمة لغايات في نفس يعقوب. ولديكم نقط التفتيش التي تم منحها للأستاذ ناشيد وأخرها 19,5 على 20.
كان عليكم التحري في الجمعيات التي ذكرت. مدينة لبروج مدينة صغيرة. لم يسجل بها أي احتجاج على الأستاذ ناشيد الذي رسمتم له صورة سوداء لا تليق بمعاليكم.
لنعد إلى قرار العزل هل الأستاذ ناشيد سعيد كان موظفا شبحا؟ وتعرف إشكالية الأشباح كم تم التداول فيها؟ وهل سجل على موظف شبح العزل؟
لنكن واضحين في النقاش هناك قاعدة تفيد أن ما بني على الباطل فهو باطل.
أن الإجراءات المسطرية التي اعتمدت في إدارة هذا الملف، سجل فيها العديد من العيوب ومن جهة أخرى، تم إخبار الأستاذ بضرورة المثول أمام اللجنة الطبية وفي نفس الوقت وبنفس التاريخ وجهت له مراسلة للحضور إلى مكتب المدير الإقليمي هل لبناء الشرك للأستاذ ناشيد؟
الوقائع تؤكد على هذا المنحى، ثم لعلمكم أنه أهدر دمه عبر بعض الدعاة للتطرف على مواقع التواصل الاجتماعي وتم التحريض عليه من طرف الذين ينزعجون من اجتهاداته الفكرية التي تؤرقهم.
ألم يوجه الأستاذ ناشيد سعيد إلى معاليكم رسالة بتاريخ 27 يناير 2020 يبث لكم فيها شكواه وفيها اتهامات؟ لماذا لم تحققوا فيها ولما رفع تظلما ثانيا لما وقع تجاهله من طرف معاليكم.؟
إن إدارة شكاوي مواردكم البشرية بهذا التجاهل ترتب عنه بالضرورة إصدار قرار ظالم بكل المقاييس في حق الأستاذ ناشيد ومساره المهني.
إن الجرأة اليوم تقتضي الاعتراف بتقصيركم في احتواء التداعيات التي بلغت بها منذ ما يزيد عن السنة، لكن ترك النابل على الحابل صنع اليوم هذه المأساة وهذا لا يشرف وزارة تمثل ضمير الأمة في التعلم والمعرفة والدفاع عن القيم الإنسانية ومناهضة النميمة والانشغال بالدسائس والعمل على تمريرها.
لقد كرمتم الأستاذ ناشيد بجائزة القراءة على كتابه الطمأنينة الفلسفية وتكرمونه اليوم ببيانكم التوضيحي، أي نهج تستقرون عليه، القضية تحتاج جوابا واضحا بدون لف ولا دوران.
إن نفيكم طابع الصراع عن هذا الملف، الذي ظل في عمقه الفكري صراعا بين الثقافة التنويرية الوطنية والثقافة المستوردة من الشرق العربي في تمثلاتها السياسية، يؤكد وبالملموس أنكم وكمسؤول سياسي في تحالف حكومي لم تجيدوا حسن الإنصات لواقعنا الاجتماعي وما يعتمل فيه من حساسيات وتجاذبات هي سياسية بالضرورة وهي أكثر دفاعا عن المصالح وطاحونة كبرى تدك خصومها دون رحمة ولا شفقة كما هو الحال في القضية المثارة اليوم في المجتمع، والتي لم تتأملوا صداها وسارعتم إلى استخدام الأحكام الجاهزة، التي توصلتم بها من مصالحكم الاقليمية والتي لم تحافظ في تدبيرها على الصراع بنفس المسافة من الحياد بين المتدخلين به.
إنكم أبدعتم مفهوما في الاستخدام الإداري بقولكم استعمال شهادات طبية لغير العلاج وهو مفهوم أتمنى لو تعملوا على تفسيره أمام ممثلي الأمة.