سياسة التجاهل بين مطرقة الهجرة العلانية وسندان الفقر و الإنتهازية
حتى لا نخطئ التقدير في الكلام و نتهم بالغوص في الظلام، فإنه واجب علينا أن نسمي الأشياء بمسمياتها، ونشخص المعاناة بجميع أشكالها، فإن تكلمنا عن أشكال التهميش، فإن علينا اتخاذ وضعية المواطن المسحوق نموذجا لكل أشكال التمييز والفوارق الاجتماعية التي أدت إلى ارتماء المواطن بين براثين الفقر والتخبط، الأدمان والهجرة العلانية، وكأنه مكتوب عليه في أن يعاني ما هو أشد وأقصى، ويتحمل مشقات ما أفسده غيره من فساد في البر والبحر و نهب ثروات البلاد وتركه يعاني من واقع مرير و فقدانه الأمل في الحصول على عيش يضمن له ابسط شروط وجوده كإنسان.
إن الوضع ببلدنا أصبح يدق ناقوس الخطر لكونه ينتقل من سيئ إلى أسوأ، خاصة مع انعدام أية بوادر للخروج من هذا النفق المظلم، فمن جهة هناك مستقبل ضبابي مجهول وربما ملغوم يلوح في الأفاق، وما يزكي هذا الوضع هو انعدام اي مبادرة من ساسة البلاد الذين جعلوا من مبدأ إصلاح الذات أولى أولوياتهم وما يؤكد ذلك هو شراهيتهم على الكراسي الامتيازات والمواقع ودفاعهم المستميت على تقاعدهم، عوض أن يشتغلوا على إيجاد حلول تكون كفيلة لإنتاج مشاريع تواكب الاوضاع الراهنة التي أصبحت تلاحق المواطن المسحوق بغلاء الاسعار و التفاوت الاجتماعي الفاحش الذي عجل بتحويله إلى مجنون في زمن الموت ولم يعد يفرق بين الموت الحياة فكلهما سواء، وما يؤكد ذلك هو ما يتداول عبر الصفحات الإلكترونية من هجرة نزوح جماعي والمطالبة بالهجرة المجانية وترديد شعارات ليست من شيمنا كمواطنين نكن كل الحب والاخلاص لوطننا.
ومن هنا نطرح أكثر سؤال لأن الحق في السؤال هو اساس تقدم كل الشعوب، هل مستقبل بلدنا مرهون ببعض السياسيين الذين لم يقدموا للمواطن إلا أكاذيب مسيلمة ووعود عرقوب؟ إذا كان الفساد يعشش في عدد مؤسسات الدولة فمن الذي يمنع من متابعة الجناه وتقديمهم للعدالة؟ وإذا كان ساسة البلاد يتجاهلون وضعية المواطن المسحوق فما دور اساس اشتغالهم المبني على مبدأ الاحتكام لعل، ومكمن ، و متى؟ أن هذه السياسة الممارسة على المواطنين جعلت منهم روح بلا هوية وجثة تمشي فوق، في رحلة بحث عن حياة حتى ولو عرضت كرامتهم الإنسانية للذل والاحتقار او أصبح وجبة للأسماك .