المغرب الصامد والمتجدد
يوما بعد أخر يتضح زيف الادعاءات، والاتهامات الباطلة، التي روجت لها جهات وأطراف ما وراء البحار وتلقفتها صحف الجيران، للترويج للأباطيل ضد مغربنا الصامد في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه.
ليس لنا اليوم واقع نخجل منه في هذا البلد العريق، بروافده التاريخية وتراثه الوطني، ووكل شعوب العالم، نتطلع إلى مزيد من الحرية والديمقراطية، وتكريم الإنسان المغربي بما يستحق من مكانة في هذا العالم، الذي اتسعت فيه المطالب الاجتماعية، وعرفت أيضا انتكاسات قوية وسجلت مدا وجزرا.
إلا أننا في هذا الشمال الإفريقي، لنا قضايانا والنماذج التي نصبو إليها، والتي لا تهم سوى المغاربة، وليس من حق أي كان أن يراهن على مستقبلنا في أجنداته الجيو سياسية، ليتحدث باسم المغاربة، ولا أحد اليوم مؤهل، لإعطائنا الدروس على ما ينبغي أن يكون عليه هذا الوطن.
الشأن المغربي، هو شأن كل المغاربة، بمختلف حساسياتهم السياسية والفكرية، بات من المؤكد أن من يراهن أيضا على استيراد نماذج من الأساليب الحياتية من مجتمعات أخرى، لن يفلح في تطويع شعبنا، الذي كون هويته عبر تاريخ طويل، في مأكله وملبسه وطرق قراءاته وأساليب إنشاده وعاداته، مع ما يعرفه هذا المجال من تنوع ثقافي وغنى تراثي بين مختلف مناطق ربوعه.
لقد أكد المغاربة، وفي أشد لحظات الصراع مع القوى الأجنبية والخارجية، أنهم يشكلون كثلة واحدة ومتجانسة، ولم يسبق لهم أن زاغوا للقبول بتأثير النزعات الخارجية في هذا الداخل الممتد من البحر المتوسط إلى عمق صحرائه المغربية.
الدبلوماسية المغربية في المحافل الدولية، تعكس هذا الإرث في المواجهات المفتعلة، من طرف خصوم وقوى لم تؤمن بحق الشعوب والأمم في الأمن والسلام وهي قوى اعتادت في زمن ما تغذية الصراعات وصناعة الأوهام للاستفادة منها وحماية مصالحها.
مغرب اليوم صاغ قناعات ضمن ثوابت الاستقرار منها:
أن من ينازعنا في وحدة التراب الوطني، يحق لنا التصدي له بدون هوادة. وهي قاعدة معلومة لدى كل شعوب الأرض ولا تقبل المساومة أو المزايدة.
أن الخيار الاستراتيجي للأمة هو النضال الديمقراطي عبر المؤسسات التمثيلية، والتي لا زالت عمليات بنائها تعرف مسارات من التراكم، وعليها إجماع كل القوى الحية بالبلاد.
وفي كل محطة من البناء الوطني، يتم تطارح القضايا دون مركب نقص، وتحليل التعثرات ، لكن برغبة وقوية في التصدي الجماعي للعوامل الضاغطة في إنتاج الفقر والهشاشة.
أن هذه الخيارات الوطنية، تستحضر، الانفتاح على تجارب الشعوب والنماذج الصاعدة، دون تضحية بالعوامل الذاتية التي أنتجها المغاربة من تراث مادي ولامادي، فيه وقع التغلب على صعاب ماضية.
أن المؤسسة الملكية، أظهرت في أساليب تعاطيها مع المستجدات قدرات هائلة في إبداع، مشاريع برامج مدققة في التمويل وتواريخ الإنجاز، وإبداع حلول ورؤى سياسية، متقدمة لتجاوز التعثرات كما حدث في ملف القضية الوطنية. والعمل على تحويل النسيج الاقتصادي الوطني نحو آفاق واعدة في الصناعات الحديثة والعصرية، بما يؤهل التجربة المغربية لدعم الاقتصاديات الافريقية.
لكن كل هذه المكاسب والانجازات، باتت تستدعي أكثر من أي وقت مضى، أن تنخرط فيها النخب الشابة بقوة، لتحديث الأحزاب الوطنية التي تقلصت إمكانيات تفاعلها وريادتها للأحداث، كما كان يقع زمن سنوات الستين والسبعين من القرن الماضي. لإخراج أوسع المبادرات من عقالها.