المعارك الخاسرة

المعارك الخاسرة
فؤاد الجعيدي

كوفيد 19 اختبار الله فينا، حصد الأرواح كآلة عمياء لا تذر ولا تبقي.. وصار فينا مع الأيام كل الناس خبراء، يتفننون في تحليل هذا الوباء الأعمى، ساعدهم في فن نسج الحكايات هذه التكنولوجيا الرقمية التي تتيح للجميع فرصة الكلام والادعاء بالمعرفة، لكن الأطباء الذين ظلوا في الواجهة، لاذوا جميعهم بالصمت. أكل منهم الوباء نساء ورجالا شيوخا وصغارا منهم من كان في مقتبل العمر ثم فتك به الوباء داخل عيادته التي لم يكمل بعد أقساطها وكان يحلم بالحياة.

السياسيون وجدوا ضالتهم في الوباء، وصاروا يفتون بلا علم، لكنهم يدركون أشد الإدراك أن هذه فرصتهم المواتية، لحشد الناس إلى صفوفهم، وبعدها سيزايدون بهم في كل الصفقات السياسية الممكنة.

التفاعلات التي تحصل اليوم، يستطيبها البعض لرفع الحناجر والدود عن حريات لا معنى لها في ظل حياة، يزداد فيها التباعد الاجتماعي بالقهر وطوعا بين الناس.

لم تعد لنا بوصلة لنحتكم إليها جميعا، فقط ساد اللغط بيننا وصرنا قردة في معارك مصطنعة ولم نعد نتبين فيها الصواب من الخطأ.

قليل منا من يزال يحافظ على صوابه ويقبل على اللقاحات كما جرى في أحداث سابقة يوم أن حلت بنا الكوليرا أو يوم هاجمنا الوباء الجلدي فذهبنا صغارا للاستحمام في الحمامات التي كانت توفرها لنا الجماعات المحلية يوم أن كان للبلدية معناها الذي لا تخطئوه العين والإحساس.

يعملون على تنظيفنا بالمطهرات وبعدها يمنحوننا دواء تحترق به جلودنا ثم بعدها نتعافى.

اليوم بات الشك يسكن الناس ويرفضون الإقبال على التلقيح ويواجهون دعوات الأساتذة الأطباء والعلماء بفقه كلام سياسية ويرفضون أن نكتسب المناعة الجماعية.

وصارت الحرب اليومية بيننا، ولها جبهات على هذا الجواز الصحي، والغريب أن من يمتلكون الجواز يرفضون الإدلاء به ليشاركوا في هذه الوقفات التي تعبر في عمقها عن خوفنا الجماعي مما آلت إليه الحياة.

من يمتلك الحق؟ من هو على صواب ؟ من الخاطئ ؟ تكاثرت التأويلات والتفسيرات وصرنا لا نشبه ذواتنا، وصرنا نخاطب بعضنا البعض من خلف الكمامات أي بشاعة هاته التي نحياه اليوم، ونحن نخوض في معارك خاسرة.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *