الجزائر وعسكرة المواقف
تطبيع المغرب مع دولة اسرائيل، شأن مغربي صرف، ولم يسبق لأي حكومة مغربية أو للدولة المغربية في أعلى مستوياتها، أن صدرت منها تصريحات معادية لوحدة الجزائر الوطنية، لكن القيادة العسكرية الجزائرية، ما فتئت تلوح بالحرب المنتظرة ضد الأشقاء على حدودها الغربية ولم تتوان في حشد كل الدعم القوي لجبهة البوليساريو، ولو كلفها الأمر إنشاء معسكر في مخيمات تندوف وتحريك الآلة العسكرية مرات عديدة لافتعال التوترات.
وعلى الصعيد الدولي، توظف إعلامها الرسمي وفتح صفحاته، لبعض الفلسطينيين لتمرير خطابات التشكيك المؤدى عنها. بالرغم ما تبث على المواقف الرسمية المغربية، سوى حشد الدعم المادي لنصرة الفلسطينيين والمساهمة بالتمويلات في عمليات البناء الداخلي للبنية التحتية، التي تعرضت في مراحل سابقة للتدمير والقصف المكثف للجيش الإسرائيلي.
المغرب ظل يعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية، ولم يدخر أي جهد للانزياح للمطالب العادلة للفلسطينيين، في استقلالهم وعودة اللاجئين وأن تكون القدس عاصمة لهم.
لكن الأنظمة العربية العسكرية، ظلت هي العدو الحقيقي لشعوبها، وقادت في العديد من البلدان العربية، إلى مآسي لا تعد ولا تحصى، والنظام العسكري الجزائري لم يشكل نشازا، على هذا التوجه، بجعل منطقة الشمال الإفريقي، بؤرة لتوترات دائمة والسعي لجر حلفائه وإقناعهم بنقل صراعات الشرق العربي للمنطقة المغاربية.. والتنسيق مع قوى وأنظمة عسكرية، تحاول الضغط في قضاياها الداخلية بالتسلل إلى مواقع نفوذ جديدة، كما يفعل النظام الإيراني والذي لم يتردد في لبنان واليمن لتغذية النزعات المتطرفة وتمويلها وتسليحها كدروع أمامية للمناورات والمزايدات الدولية.
لكن حين يتعلق الأمر ببلادنا، في الدفاع عن مصالحها الجيو سياسية، النظام الجزائري لا يتردد في تسخير كل من يروج للخطابات الكاذبة والعمل على نشر المغالطات..
إن علاقاتنا بجزء كبير من الشعب اليهودي هي علاقات موروث وطني، حيث الثقافة والفكر اليهوديين، في هذا المغرب الأقصى شكل على الدوام جزء لا يتجزأ من الذاكرة الوطنية، وارتباطهم بالهوية المغربية وتشبعهم بالثوابت الوطنية هو ما جعلهم دوما مناصرون ومساندون للوحدة الوطنية، ولم يترددوا داخل مدينة آشدود الإسرائيلية، بالخروج في تظاهرات علنية، لنصرة القضية الوطنية، وإدانة الاعتداءات التي تعرض لها معبر الكركرات.
إن هذه الطائفة الواسعة بالشرق العربي، لم تنس في يوم من الأيام، جذورها وذاكرتها في الانتماء إلى التربة المغربية، وإلى التعايش الذي عاشه أجدادهم المغاربة، في كل ربوع المغرب في سهوله وجباله ومدنه الشمالية والوسطى والجنوبية، وعمل السلاطين المغاربة، على حمايتهم في معتقداتهم الدينية وطقوس تدينهم في معابدهم التي تحظى بالتقدير والاحترام والوقار لدى المسلمين المغاربة.
إنهم تربوا وعاشوا في مملكة، لها ومنذ زمن بعيد، مقومات الدولة وأسسها بخلاف، من يراهن اليوم على القوة العسكرية لتغيير التاريخ والافتراء عليه.
فتلك حكاية لن يقبل بها سوى من لا ذاكرة له ولا تاريخ وأن عسكرة الفكر لن تكون سوى أضغاث أحلام.