الجامعة والجنس والمسكوت عنه
قضية الجنس مقابل النقط، التي انفجرت أطوارها بكلية الحقوق، بجامعة الحسن الأول بسطات، أسالت مدادا كثيرا ورافقها تعاطي شفوي محموم، ضخم من الوقائع، قبل أن تصل إلى القضاء الذي له الكلمة الفصل في العقاب وحماية الحقوق.
وكان الاتجاه العام في هذه القضية، وللأسف هو تكوين جبهة واسعة من العداء ضد الأساتذة، ولم يسلم من ذلك حتى عميد كلية الحقوق، والذي وجد نفسه في مجرى تيار لا يبقي على أخضر ولا يابس.. ومعنى هذا أن ما حدث هو عملية صراع يظل معها، سؤال وارد ألم يكن هناك طرف استغل الواقعة لصب الزيت على النار؟ وما مدى مساهمته لأن يكون عميد الكلية طرفا توجه له سهام قاتلة لإزاحته من منصبه الإداري.
من حقنا التساؤل لا سيما أن أطرافا معنية لم تتح الفرصة لمعرفة رأيها فيما جرى.
وجرت العادة حين يسقط الثور تكثر السكاكين، هذا ما يمكن استخلاصه دون عناء.
لقد كنا في زمن الثمانين طلبة بالجامعة، وكنا شهودا عيان من خلال طالبات زميلات في المدرجات أو الفصول الدراسية وكيف لا يتورعن بإثارة السادة الأساتذة، بجمالهن وعيونهن الواسعة والمزينة بخطوط سوداء تجيد رسم حدود عيونهن، والشفاه الملتهبات بالطلاء الأحمر الفاتن، ويتنافسن بزينتهن من ستحظى بنظرة من الأستاذ الجليل.
كان الأمر يحدث مرات عديدة، في ذلك الزمن، وفيما بعد بعضهن يروين لنا عما حدث بعد ذلك.
لم يسبق لكل هذا، أن كان له أثر على نظرتنا لأولئك الأستاذة الأجلاء الذين كنا، نتلقى من أفواههم علوما ومعرفة وقضايا صارت فيما بعد نحملها في وجداننا ونتطلع للمساهمة في بناء المغرب الذي نعشقه..
ظاهرة تحرش بعض الفتيات طالبات وتلميذات بالسادة الأساتذة، لا أحد منا لم يعيش تفاصيلها ولو مرة واحدة.. إن الوجه المسكوت عنه والذي بحكم العمق المحافظ للمجتمع لا نجرأ على الحديث عنه بالرغم من أن للظاهرة وجود يومي.
كم من أستاذ وجد نفسه وقد دخل عش الزوجية من هذا الباب، إنها ظاهرة اجتماعية، علينا أن نقابلها بالجرأة المطلوبة وأن لا نأخذ من الوضع ما يخدم هذا التحامل الفج، على الأستاذ وعلى الحرم الجامعي، ولنضع كل قضية في سياقها الحقيقي، وأن لا نعمد للتعميم الذي يتشكك في الوظائف ذات النبل الإنساني باعتبارها، مجالا لبناء الإنسان في عواطفه ووجدانه وقدراته الانفعالية ومداركه العقلية.
لقد تابعت قضية التحرش بالطالبات ولم أرد تناولها بالشكل الذي وجدت فيه بعض الأقلام مادة دسمة لجلد الأساتذة، ومن انساق وراء هذه اللعبة القذرة، أعتبره يعمل على تصريف أحقاد قديمة من صورة الأستاذ أو المعلم وكيف تمثلها في بناء لا وعيه المقهور.
على الأقلام الشريفة أن تعيد الاعتبار للأستاذ والمعلم الذي كاد أن يكون رسولا، نحن في حاجة إلى تكريم رجال التعلمات ورجال المعرفة.. الذين ينتهي مشوارهم الوظيفي بالأمراض المزمنة (ضغط دموي، وسكري وكل ألوان الأمراض العصبية)
علينا تكريمهم والاحتفاء بهم وليس الوقوف عند زلة عابرة، ورسم صورة سوداوية على واقع متخم بالاختلالات.
التكنولوجيا الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، هي التي أثثت لهذا التحامل وجعلت منه مادة لرفع نسب المشاهدة، وهذا الأمر لم يكن في زمننا، الذي كان فيه الأستاذ أخا وصديقا، نتودد إليه خارج فصول الدراسة علنا نحظى منه في هذا القرب بمزيد من العلم والمعرفة