افتتاحية المجلة24: الانتهازيون
عادة ما ترتبط لفظة انتهز، بالفرصة في المعاجم اللغوية حيث الوقت المناسب للقيام بعمل ما. وناهز الفرصة، انتهزها واغتنمها إذا أتيحت الفرصة فناهزها، وناهزته الفرصة، دنت منه وسنحت له، فكلما ناهزته الفرصة أحسن استغلالها.
على أن هذا الفهم الاجتماعي دأب الناس على التعامل مع الفرص التي تتاح لهم في الحياة المجتمعية في الدراسة والعمل والعلاقات الإنسانية..
لكن في المجال السياسي انتهاز الفرص يأخذ مدلولات قدحية، حيث الانتهازية، توظف عند سارقي أحلام الناس، للتلاعب بمصالحهم الحيوية كما يفعل بعض المنتخبين،
عرفت واحدا من هذا الرهط ،كان يتشدق بكل مدارس الاشتراكية وزعماء الحركات الثورية ويعلق صور الثوار كالمراهقين على الحيطان، وينتفخ كالديك الرومي في قبعة ماو تسيتنغ، هذا الأسلوب الحياتي كان يستميل به الفقراء ويبني لهم قصورا من رمال عن التحرر والعدالة الاجتماعية والكرامة التي لا يعرف لها سبيلا.
لكن في الواقع وهذا ما أثبته التاريخ بوقائعه الملموسة وأحداثه الميدانية
أنه كان يستهدف زيادة نفوذه السياسي وبأي ثمن، ويغتنم الفرص كلما أتيحت لتوسيع هذا النفوذ السياسي.
واختار في محطات معينة، أن يقاطع اللجنة المركزية للحزب الذي ينتمي إليه، بالرغم أنه في كل المؤتمرات كان يعض بالنواجد على هذا التواجد في الجهاز التقريري.
لكن الحياة كشافة للعورات، يوم احتد الصراع بين اليمين واليسار كان صوته الوحيد الذي سيرجح كفة على أخرى، اختار الارتماء في حضن اليمن من أجل الحظوة بكتابة المجلس، وأطلق لسانه ينفث خبثا في حق الشباب الذين ساهموا في هذا الصعود.
انتهى به المطاف اليوم رقاصا بين الجهات ومأمور طيعا لأمينه العام والذي كان يعارض عليه في زمن ولى، قبل أن يتقلد الأمانة العامة للحزب، برفض مجيئه للمدينة وإلقاء محاضرة في قاعاتها بالخزانة البلدية حول الإعلام الحزبي.
السلوك الانتهازي يعلم صاحبه ويمكنه من قدرات العمل وراء الكواليس مثل الخفافيش ولا يجرأ على العمل في واضحة النهار.
الانتهازيون يوهمون الناس، بأن قلوبهم معهم ويترافعون من أجلهم، لكن عادة ما تحث هذه الأمور في المهرجانات الخطابية والتجمعات الحزبية، لكن في القاعات المغلقة، تطاوعهم قلوبهم وعقولهم، أن ينحازوا لمصالحهم الأنانية والضيقة، ويذبحون مصالح الناس كما يفعل الجزارين للأكباش.
الانتهازي يفكر في ذاته.. والآخرون للجحيم، وحين تصل مصالحه لمنتهاها يتحول بالطعن والشك في الديمقراطية ويصير أكثر جرأة في التعبير عن المواقف المتطرفة، لدغدغة أهواء الذين لم يستوعبوا ويكتشفوا بعد، صورته البشعة
الانتهازي يتوافق تمامًا مع ما يؤمن به ناخبوه. ، يهدف إلى إقناع الناس بأن عمله مبدئي. لكن التاريخ هو وحده من يثبت زيف الشعارات وللأسف الشديد بعد فوات الأوان.