الانتخابات المهنية 2021 لقد دقت ساعة الحقيقة

الانتخابات المهنية 2021 لقد دقت ساعة الحقيقة
فؤاد الجعيدي

في الانتخابات المهنية السابقة، برز الاتحاد المغربي للشغل، كأقوى منظمة عمالية بالمغرب، حيث اكتسح الاتحاد العديد من القطاعات الاستراتيجية في البلاد، إلى جانب تأكيد حضوره القوي في كبريات المقاولات الخاصة، وخاض كفاحات متوالية توجت بفرض اتفاقيات جماعية، كما في شركة رونو المغرب والشركة الوطنية للطرق السيار، وفي وحدات النسيج وفي المكتب الوطني للكهرباء والضمان الاجتماعي والتكوين المهني.

وهي نضالات أتت بالمكاسب الأجرية والاجتماعية لفائدة الطبقة العاملة. ولمعرفة الأسباب لا بد من الاعتراف أنه في خضم المزايدات السياسية بين أحزاب الائتلاف الحكومي، وصراعاتها السياسية لتعزيز مواقعها، حيث ظلت تعقد الصفقات فيما بينها وبين النقابات الموالية لها، كما حدث في تمرير قانون التقاعد والذي شكل ضربة موجعة للإجراءات التي جاء بها بالالتفاف على مكاسب العمال والموظفين.

وقد تصدى فريق الاتحاد المغربي للشغل بالغرفة الثانية، بقوة لهذه المؤامرة، غير أنه تم تمرير القانون بصفقة سياسية بين النقابات الموالية للأحزاب والحزب الحاكم حزب العدالة والتنمية، حيث تمكن هذا الأخير، من تحقيق هذا التراجع، وتوالت المحاولات في فرض قانون لتلجيم حق الاضراب، لكن الاتحاد المغربي للشغل تصدى له مثلما تصدى للدعوات المتتالية للالتفاف على مدونة الشغل لإفراغها من مضامين الحماية للعمال، بتحالف مع أرباب العمل.

ولولا يقظة الاتحاد، وعقده للندوات وتعريته للمخاطر، لكنا أمام مراجعات للمدونة وترسيم المرونة بها.

لنقلها صراحة، إن الحكومة ظلت طيعة أمام توصيات المراكز المالية الأجنبية، وتعمل على مزيد من الإذعان لتوصياتها، والتي لم تجر سوى الويلات على الشعوب التي افتقدت سيادة قراراتها الوطنية، وانبطحت لمطالب الرأسمال الأجنبي وتحالفاته الداخلية.

في هذا السياق، برز الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، أكثر اعتراضا على هذه السياسات التي ضحت بالتوازنات الاجتماعية مقابل التوازنات المالية، وعقد عشرات الحوارات والمناظرات وترأس المؤتمرات، لتقديم رؤية الاتحاد وتعرية التناقضات التي تحكمت في القرارات الحكومية، وانزياحها لمطالب أرباب العمل على حساب الطبقة العاملة، وأوسع الجماهير الشعبية التي ظلت تكتوي بنار الزيادات المهولة دون أن يرافقها تحرك سلم الأجور وفق غلاء المعيشة، على عكس من ذلك نرى أن الطبقات الوسطى هي بدورها أصابها الركود، وتعمقت هذه الكوارث الاجتماعية مع حلول جائحة كوفيد 19 والتي في ظلها سجلت نسب مخيفة لعدد التسريحات العمالية بتواطؤ معلن وخفي مع الحكومة التي لم تسارع لإبداع برامج فورية للتخفيف من حالة الكساد الاقتصادي التي عمت البلاد.

إن بروز الاتحاد المغربي للشغل كقوة اجتماعية محركة ومؤطرة للاحتجاج أملاه موقعها كنقابة مستقلة وجماهيرية ووحدوية، تعمل على تعبئة العمال على واجهة النضال الاجتماعي، والتحذير من مخاطر تهديد السلم الاجتماعي.

إن الطبقة العاملة اليوم على موعد في هذه الاستحقاقات، مع عقارب ساعة دقت حقيقتها لتبوئ الاتحاد مكانته الطلائعية للاستمرار في التصدي للسياسات التي أثبتت فشلها باعتراف أسمى سلطة في البلاد. ولتأكيد أن الاتحاد هو المنظمة العمالية الوحيدة بالمغرب والمستقلة بقراراتها عن الحكومة وعن الأحزاب، والنقابة الوحيدة المؤمنة بالمشروع التنموي الحقيقي، الذي يتأسس على خلفيات الحماية الاجتماعية، التي تؤمن العلاجات الاستشفائية والتقاعد والتعويض عن فقدان العمل. وهو المنظمة الوحيدة في البلاد التي ساهمت في تطوير الحماية الاجتماعية ووضع معايير لها، وبناء نسقها رفقة الشركاء الاقتصاديين ومصالح الدولة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *