الأوضاع التنظيمية، لحزب التقدم والاشتراكية لا تحتمل الصمت

الأوضاع التنظيمية، لحزب التقدم والاشتراكية لا تحتمل الصمت
فؤاد الجعيدي

ما تتناقله الصحافة الوطنية عن الاستقالات المتوالية بالعديد من مدن المملكة، من صفوف حزب التقدم والاشتراكية، وضع لا يحتمل الصمت وأن المعني الأول والأخير بتفسير هذه التطورات السلبية، عشية الاستعداد للاستحقاقات القريبة، الأمين العام والمكتب السياسي، لكن هناك من يفضل دفن رأسه في الرمال، لا يرى ولا يسمع ولا يتعاطى مع الواقع إلا بنية أن ما يفعله اليوم هو عين الصواب.

في السياسة ابتلاع الألسن في اللحظات الحرجة، أمر سيء وغير أخلاقي ولا يتمتع بالشجاعة المطلوبة في كذا ظروف وطنية دقيقة.

الانهيارات تمس الشمال كما الجنوب ومست الدار البيضاء وثمارة وسلا.. والقاسم المشترك فيها بين رفاق التقدم والاشتراكية، هو الاحتجاج على ما يوصف بعدم احترام الضوابط التنظيمية، وعدم تقدير مجهودات مناضلي ومناضلات الحزب، الذين فهموا الانتماء هو الانخراط الدائم واليومي والتواجد بين الناس من أجل الدفاع عن مصالحهم الحيوية والمشروعية، ومرافقتهم في بناء أحلامهم نحو مجتمع ينعتق من عوامل التخلف والهشاشة، وليس البحث عن الغرباء في ساعة الحسم لحمل مشعل لم يشاركوا في إيقاد شعلته.

ما أفاض الكأس هو أن الانفراد بالبث في مجموعة من القرارات التي تؤطر الاستحقاقات الانتخابية بات هو المبدأ السائد، وكأن مناضلي ومناضلات الحزب بالفروع والجهات ليسوا سوى مجرد عجلة احتياط، الشيء الذي يقوض مبدأ الديمقراطية التشاركية في اتخاذ القرار وبالتالي الابتعاد عن المبادئ المبنية على الكفاءة والأخلاق والعدالة والانتماء.

هل القيادة الوطنية اليوم قلقة بالنفس درجة الاحتقان التي يعيشها الرفاق والرفيقات؟

أليس لها تقديرات أخرى في قراءتها للواقع الانتخابي بالبلاد؟

لكن عليها وفي كل الأحوال أن تقدم تفسيرا للرأي العام الوطني وذلك لأسباب بسيطة:

لأن الحزب ظل ومنذ نشأته محط أنظار التتبع الوطني والدولي.
وأن هذا الحزب بالذات، يشكل مدرسة في المواطنة والتربية على نكران الذات، وأن ما يحدث به الآن يخلف آلاما وجراحا، والخاسر الأكبر فيها هو النضال الديمقراطي والدفاع عن الديمقراطية بدون هوادة واستماتة كما فعل الرفاق لعدة عقود.
أن هذا الحزب ظل قوة اقتراحية ومعادلة في المشهد السياسي يصعب تجاوزها في أي توافق محتمل.
لكن أن ينتهي به المطاف للاصطفاف والتأرجح بين اليمين ويمين اليمين، وأن (يحسن باش ما كان ) أمر لا يقبل به إلا من ضاعت منه البوصلة ولأسباب ذاتية صرف.
وأن ترتفع الأصوات من الداخل والخارج لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وأن توجه لهذا المسار، الأحكام الجاهزة، ويجند عليه من لا ترف جفونهم حياء بحثا عن آثار ذئب، وما الذئب سوى من وجه أولئك الذين لا يعرفون سوى تشغيل هواتفهم وقد عميت منهم الأبصار، على تأمل وقائع الانحرافات لكنهم يقومون بهذه المهام ويرضون بالاشتغال في نظام السخرة المؤدى عنها حسب ما يراه الذئب فيها من أهمية.
ويظل الواقع واقعا، ويظل الوجود الاجتماعي للرفاق هو ما يحدد وعيهم بما يجري ويدور في عمارة الرباط.
وأن تغليف الواقع بخطابات إيديولوجية فجة ويعطي علاقات موهومة ما بين طيات القلب واللسان، لن ينتج سوى مزيدا من التمزقات كم كنا في غنى عنها، حيث لم يتم التحلي بالحكمة والرزانة والمسؤولية، لا الرهان على السلوقية التي استنفذت كل طاقاتها.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *