افتتاحية 24 : شباب مغرب ما بعد 20 فبراير
أستغرب لمن يتشكك في الشباب المغربي، وطموحاته وكفاحه من أجل غد أفضل، وتزداد شكوكي لهذه التصنيفات والخطابات التي تريد أن تقرأ واقعهم على هواها، إنهم يعيشون عصرهم بكل ما يتطلبه من كفاحات ،
في مغرب ما بعد 20 فبراير غدا الرهان، على أمور أخرى غير السياسة التي لم تعد رسائلها تثير أهواءهم، وتتوافق مع ما ينسجونه من أحلام حول مصيرهم المستقبلي.
محيطهم علمهم من التجارب والانتكاسات المتوالية، أن الأحزاب بكل فصائلها وتياراتها واحدة ( هذا المحيط الذي يدعي خطأ أن كل أبناء عبد الواحد واحد)
العديد من الشباب اليوم يراهن على التكنولوجيا الرقمية، ويراهن أكثر على التخصصات الجامعية ذات الاستقطاب العصري في علوم المقاولات وتدبير الموارد البشرية، وصارت لهم خطابات عصرية لا ينشغلون معها بالتفكيك الإيديولوجي للمفاهيم، التي أنتجها الفكر الثوري من أجل تحرر الشعوب ومواجهتها للإمبريالية.
غدت للشباب مفاهيهم التي يقبلون من خلالها على البيتزا والسلطات المشكلة والمكرونة بالمرق الأبيض، وهي عادات دخيلة من المجتمعات الغربية، وصارت لهم أناقة لم تعهدها الأجيال الماضية في تسريحة الشعر وارتداء السراويل التي تعطي الانطباع بتمزقاتها أنهم خارجون من عراك قوي.
ويتأبطون الحواسيب التفاحة والهواتف ويتابعون بقوة مستجدات برامجها، ويتقنون اللغات الأجنبية التي بها تتطور تكنولوجية المعلوميات، وصاروا أكثر قربا من عواصم الدنيا يعيشون ويرتبطون بقضايا هذا العالم وتوقعاته.
ثم يشاركون هذا العالم باستخدام التكنولوجيا الرقية، عبر برامج اليوتوب والتيك توك وسناب شات، ويكسبون المال من أنشطتهم وبعضهم غدا ينتج أشرطة فيديو للتعبير عن مشاغلهم وهمومهم من القضايا الوطني والإقليمية والدولية،
هذا التتبع اليومي عبر مواقع التواصل، أصبح يتفوق على الآليات الحزبية في الانتشار والتأثير وقوة العطاء، وحاولت بعض القوى السياسية المحافظة التصدي لهذا الواقع، عبر ذبابها الالكتروني الذي ظل متخلفا عن استيعاب التحولات الجارية لدى الشبيبة المغربية.
على المستوى العلمي والأكاديمي، تمكن الشباب من الارتقاء الاجتماعي في الوظائف التقنية، وبعضهم فضل الهجرة للبلدان الأوربية والأمريكية ومنهم من رحل إلى الصين والدول الأسيوية، لكنهم في كل بقاع الدنيا أظهروا قدرات عالية على الاندماج السوسيو اجتماعي، في هذه البلدان العريقة بديمقراطيتها وحضارتها.
على قوانا السياسية استيعاب هذه التحولات، وتمكين هذا الشباب المتنور من أخذ مكانته الطبيعة في المشاركة في صناعة القرارات الأكثر قربا وتعبيرا على هذا الطموح المتدفق.