افتتاحية مجلة 24: سن اليأس السياسي لدى نبيلة منيب

افتتاحية مجلة 24: سن اليأس السياسي لدى نبيلة منيب
بقلم فؤاد الجعيدي

في مقالة بجريدة هسبريس، ليوم الثلاثاء 2 فبراير 2021، نقلت مواقف عن السيدة الأمينة العامة من التطبيع، معتبرة أن من نهج هذا المسار فهو خيانة ، وذكرت الجريدة أن هذه المواقف تم التعبير عنها من خلال اللقاء التواصلي، الذي أشرف عليه الحزب الاشتراكي الموحد بمدينة تنجداد.
ما يهمنا هنا في هذا المقام، التصريح الذي ننعته هسبريس بالمثير، حين سئلت الأمينة العامة، عن موقفها من مشروع اليسار الجديد، (مدعية أن صاحبه ليس يساريا وهو يريد فقط التشويش والسلام).
وفي عجالة نقول أن هذا الموقف، هو تعبير عن سن اليأس السياسي ليس إلا. وللتذكير أن مشروع الحزب اليساري الجديد، أتى كمشروع حلم لدى عدد من الرفاق، عاشوا تجارب في حضن قوى اليسارية، وهم امتدادات فكرية ونضالية، للعديد من التراكمات السياسية، ولأسباب عديدة سبق التداول فيها، قرروا بكل جرأة ومسؤولية، أن يستحضروا على مستوى النقاش البناء، التعثرات لهذا اليسار باعتبارهم تعاطوا مع الجماهير من منطلقات القطيع الذي يجذب من قرونه لصناديق الاقتراع.
ووقفوا بالدرس والتحليل، على كل الخلاصات المفيدة من هذه الأخطاء، وقرروا تشيع الأوهام، والانفتاح على التحليل المادي التاريخي، وتأمل التناقضات السياسية، والعوامل التي حالت دون الانتقال الديمقراطي، الذي طال دون أن يكون فيه هذا اليسار المشتت لاعتبارات ذاتية وليست موضوعية وافتقد فاعليته للتأثير في الأحداث.
حيث عرف اليسار تراجعات قوية، وقاد للتخلص من مناضليه، منذ حكومة التناوب التي ترأسها الراحل عبد الرحمان اليوسفي.. فقررنا أولا داخل مجموعة من الرفاق، فتح نقاش هادئ ورزين، ودون انفعالات ولا أحكام مسبقة، لنجد الأجوبة الملائمة لأوضاع جماهير شعبنا، ونعيد شعلة الأمل لكل الرفاق، في إطار جديد يتجاوز الروح المنغلقة، داخل التنظيم اليسارية واعتمادها في بعض الأحيان على علاقات القرابة والعائلة.
شخصنا الأوضاع التنظيمية، والشعارات التي لم تكن لتنتج الخبز والعمل العمل. ثم قررنا الاشتغال على برامج ملموسة، وتطارحها بيننا كمجموعة فكرية، لننتج بدائل قابلة، للتصريف ومساهمة في التغيير المنشودة. لكن اعتمدنا في هذه المقاربة على ما جرى ويجري في العالم خلال وبعد كوفيد 19.
وأيضا استحضرنا مواقف الأحزاب من المشروع التنموي والجديد، وعدم قدرة الأحزاب الوطنية، داخل لجنة بنموسى تقديم مقترحات قابلة للإنجاز، بل ظلت متشبثة بالشعارات واللغة الإنشائية.
لهذه الاعتبارات جميعها قررنا الاشتغال، في عالم تتسارع في الأحداث وتتطور فيه، باتجاه يميل في تقديرنا لنصرة قضايا الوطن والمواطنين. وكانت لنا الجرأة في التعاطي بشكل إيجابي مع التطبيع، دون رفع للشعارات القديمة ودون السعي لدغدغة مشاعر المواطنين أو استئصال حقهم في التعبير عن مواقفهم.
وبنفس الجرأة أشدنا بالمواقف الشجاعة للمؤسسة الملكية، ومواقفها من الانفتاح الافريقي، ومن جرأتها الحاسمة في صد اعتداءات عصابات البوليساريو في الكركرات، ومن مشروعها الطلائعي في الحماية الاجتماعية.
وأكدنا أنه من الخطأ الاستراتيجي، من يظن تغير موازين القوى، في غياب التحالف مع المؤسسة الملكية، كطرف وشريك في الحقل السياسي الوطني، وكلما كان التوافق معها، حقق الوطن إنجازات كبرى، وهي الوقائع التي يؤكدها تاريخنا الوطني في العديد من محطاته البارزة.
كل هذه الآراء قابلة للنقاش، لكن أن ننعت بأننا لسنا يساريين، وأننا مشوشين، يعني في العمق سوء تقدير وضعف في التحليل، لدى الرفيقة التي باتت تسجل عيها مواقف، من الخرف السياسي، في الوقت الذي يتميز فيه فضاؤنا السياسي بالعزوف وسيطرة القوى المحافظة.
كان على السيدة نبيلة منيب أن تقدم الجواب، عن أشكال التحالفات الممكنة لتجميع قوى اليسار، وليس من مسؤولياتها الأخلاقية القيام بعمليات الفرز والتصنيف وإعطاء شهادات الانتماء لليسار من دونه. إنها مهمة رخيصة أن نصدر أحكام القيمة، وأن لا يأخذ التبصر في تحليل الوقائع والتطورات السريعة لمغرب، هو في أمس الحاجة لإبداع الأفكار لمواجهة قضايا الناس واحتياجاتهم الملحة، في السكن اللائق والشغل الذي يحترم الحق في الانتماء النقابي، ويقر بتوفير المدرسة العمومية ذات التعليم الناجع في بناء الشخصية العقلانية، والحفاظ على الصحة كقطاع استراتيجي وعدم تركها مجالا للجني الأرباح على حساب المرضى.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *