افتتاحية مجلة 24: انتهت صلاحية العدالة والتنمية من المشهد السياسي المغربي
لنقلها بكل وضوح ومسؤولية، العدالة والتنمية، استغلت تداعيات الربيع العربي على الغرب الإسلامي، وجاءت لتسيير الشأن العمومي، بقاعدة انتخابية لم تكن لتمثل كل الاتجاهات الاجتماعية، لكن طبيعة النظام الانتخابي، أوحى بغلبة هذا الاتجاه، الذي ركب على عواطف ومشاعر المغاربة، وأوهمهم بأن العدالة والتنمية، في هذا البلد الأمين، ستقوم قيامتها على يد ابن كيران، الذي عرف في عهده الخطاب السياسي أحط مراحله، من حيث الابتدال والتنابز بالألفاظ، مع باقي الفرقاء السياسيين.
عرف قدوم السيد إلى المعترك السياسي، غزوات عنترية، بالخطابات والتحديات اللسانية، ما لم يشهد له المغرب مثيلا في تاريخه السياسي. صال وجال، وقال أنه سيقف سدا منيعا اتجاه الريع والمأذونيات، وما أن تربع على كرسي رئاسة الحكومة، حتى تحول إلى رجل ناعم اتجاه الخصوم السياسيين، وقاد غزواته في رجال التربية والتعليم، وعلمهم كيف يأتي جهرا، على مناهضتهم واستئصال شوكتهم، في النضال من أجل حقوقهم الحيوية والمشروعة، وأنعم عليهم بالهشاشة ونظام السخرة، الذي عرف مع نظام الحماية الفرنسية، وتمكن منهم بالتوظيف عبر التعاقد، ولما احتجوا أذاقهم الحر من سلطة عصاه كرئيس لحكومتهم الموقرة.
ما أقدمت عليه العدالة والتنمية من قرارات قاسية، مست الفئات المتوسطة، دون الحديث عن الطبقة العاملة وعموم الطبقة العاملة، لم تجرأ على القيام به الحكومات الإدارية المتعاقبة في تاريخ المغرب.
لنقلها صراحة، لقد ورثوا عن حكومة التناوب الأولى، التي ترأسها الراحل عبد الرحمان اليوسفي، متنفسا لضائقة الدين العمومي الخارجي والداخلي، وأسسوا لحوار مثمر مع النقابات العمالية، عملوا فيه على تحسين الأوضاع الأجرية بترقيات استثنائية، كلفت الدولة الشيء الكثير، لكنها أحيت الأمل في النفوس، أن من كان لهم فضلا في اعتلاء حكومتهم وتدبير شؤونهم استفادوا من ثمرات توجهاتهم الاجتماعية.
لما جاء إخواننا في الإسلام، أسقطوا الأعلام.. بالقضاء على صندوق المقاصة، وتحرير الأسعار التي لم ترافقها زيادة في الأجور، وامتدت أياديهم إلى صناديق التقاعد ومدخرات العمال، فعاثوا فيها بدون وجه حق، استهدافا لتوازنات مالية، هم من عملوا على إغراقها بسوء التدبير، ورفعوا من كلفتها، لينعموا بالعيش الرغيد على حساب البسطاء والمقهورين الذين يبيعوا عرق الجبين مقابل الأجر.
وأكدت الأحداث والتطورات التي عاشها المغرب، أن الأزمات الاجتماعية تزداد استفحالا في زمن إخواننا، الذين لم تكن لهم الجرأة والشجاعة للتوجه للمغاربة، والتأكيد على عجزهم في ايجاد مخارج سليمة للأزمات الاجتماعية.
إن زعيمهم السيد العثماني، أقر وفي واضحة النهار أنه لا يملك أي برنامج لمواجهة جائحة كوفيد 19، لكنهم كانوا في كل مرة يحاولون الاستحواذ على المبادرات الملكية، كخدام لم يقوموا بما تقتضيه مسؤوليات الأمانة، التي علقت في أعناقهم. إنما جاؤوا والعهدة على الراوي ابن كيران ليحسنوا من أوضاعهم وأوضاع مريديهم، فغيروا الدار والأثاث والسيارات والنساء.
وخلقوا تقاليد جديدة في الرأف على أدرعهم الدعوية، بالهدايا والعطايا والهبات، ووجهوا رفاقهم للاستفادة من التجزئات السكنية وبالتالي مراكمة الثروات.
من يقول أننا لا زلنا في حاجة لهذا التوجه، واستمراريته للسنوات القادمة فهو كاذب ونصاب على ذكاء المغربية.
إنهم يكرهون الكادحين والفقراء، ولا يعتبرونهم سوى رهائن للانتخابات القادمة، لقد أشاعوا بين مريديهم منطق الهبات والصدقات، في دفن موتاهم وفي إعذار أطفالهم، وفي تعليمهم على مشايخ الشرق، آيات أنهم أولياء الله في أرضه، وعملوا على تقسيم المغاربة، في العقيدة سمحة والتي لا تدعو لأكل المال السحت، فسروا العقيدة على هواهم السياسي، ولما تكاثرت تناقضاتهم، باتوا يختبؤون ثم يفسرون على مقاص يخدم مصالحهم الدنيوية، أكثر من اهتماهم بقضايا شعب يجتاز المحن ويتطلع إلى التقدم الاجتماعي والرفاه الاقتصادي.
منذ قدوهم للمعترك السياسي، ساءت أوضاع الناس، ساءت من حدة التناقضات بين النوايا والممارسات القاسية، وتكلفتها على المعيش اليومي للمغاربة.
حان الوقت لتنسحبوا وتسحبوا المتاجرة بالدين، في المجال السياسي، شكلتم أدرع قوية بالمال، وبتم تزايدون بها على الناس، كما يحدث في نقابتكم، التي لم تكن في يوم من الأيام لها جذور الارتباط بالطبقة العاملة، والتي تكنون لها كل العداء، وترفضون وبإصرار قوي عدم الجلوس مع تنظيماتها العمالية، وتعطون الأمثلة القوية على هذا العداء، من خلال أن مسؤولين قيادين بينكم لا يؤدون واجب انخراطهم في الصندوق الوطني للتضامن الاجتماعي.
حان الوقت لتنسحبوا من المشهد السياسي، الذي تم استغلاله كمصدر للثراء ومراكمة الأموال على حساب بؤس الناس الاجتماعي.
كم من مسؤول لديكم شغل الناس لمدة، بممارسات كنتم تقسمون بأغلظ الأيمان أنها حرمات. لكنكم كنتم لنا مفزعون، مفزعون، وانتهى الكلام.