افتتاحية مجلة 24: ابن كيران يريد إشعال الفتنة لخدمة مصالح حزبه الضيقة

افتتاحية مجلة 24: ابن كيران يريد إشعال الفتنة لخدمة مصالح حزبه الضيقة
بقلم فؤاد الجعيدي


إلا عبد إله بن كيران لا يحق له اليوم ، أن يتوجه للمغاربة بكلام الوعظ والإرشاد، وهو الذي يتلذذ بطيب النعمة من ريع بالملايين شهريا، دون شقاء ولا تعب.
لا يحق للرجل أن يطيل لسانه ويزبد ويرغد، ولم يرف له جفن، عن هذا الأجر السمين الذي يتقاضاه شهريا ودون أن يمد منه خزينة الدولة ولو بدرهم واحد.
لسنا أغبياء ولن نكون كذلك، حين يريد السيد بن كيران أن يوهمنا بأن تقنين زراعة القنب الهندي، سيؤثر على التعاطي للمخدرات على أوسع نطاق ويرفع من نسب الجريمة بين المغاربة.
وفي هذه العجالة نقول بما يقتضيه النقاش من جرأة ووضوح، أننا في زمن الأسطوانات، كانت إحدى الأغاني الشعبية تطربنا وهي التي تقول في إحدى مقاطعها ( قرعة مارتيني وهيا لعدوة تبعوها سباسة ولات حلوة ) في هذا الوقت بالذات كانت قيمنا الاجتماعية يشيع فيها التضامن بين مختلف الفئات الاجتماعية ، وكان استهلاك القنب الهندي يتم تداوله بين الحرفيين في واضحة النهار، فيما كانت أسرة عديدة، تأخذ في ليالي سمرها وأنسها وحلقاتها العائلية، بذور القنب الهندي وتمزجها بالمكسرات والتمر وتصنع منها معجونا محلى بالعسل الطبيعي، يتم أخذ ملعقة صغيرة منه تطيب أمزجة الناس.. وكان صانعو الخلطة يتوفرون على إدراك في مزج العناصر وبمقادير معينة. والناس لا يستخدمونها إلى لمفعولها الذي يفتح الروح وضيق النفوس مع كؤوس الشاي.
ميزات القنب الهندي، لم تكن تصنف في باب المخدرات القوية مثل الكوكايين والهرووين.
اليوم هناك نقاش داخل المجتمع للتقنين. وهو نقاش لا يستدعي كل هذه الضجة.
فابن كيران أكد أن فقط مناقشة الموضوع سيدفع به للاستقالة من الحزب، وفي ذات السياق يجمع حوارييه والمنتمين لحزب العدالة والتنمية، ويدعوهم إلى الاستعداد للمعركة الكبرى القادمة وهو تجييش يذكرنا بالتجييش الذي أحدثه، حزب العدالة والتنمية، إبان الخطة الوطنية لإدماج المرأة، حيث تم تغليف النقاش وتعليبه بتقديم خطاب ديني منغلق يتجاوز النصوص القرآنية في سياقاتها التاريخية، وتجنى على قراءتها بما يخدم الأهواء السياسية لحزب العدالة والتنمية.
تعاد اليوم الكرة ويبرز فيها كبيرهم الذي علمهم سحر الكلام الشعبوي، الذي يعمل على تجييش المريدين، وتخديرهم بدغدغة مشاعرهم ويدعوهم كأذرع دعوية وجمعوية ونقابية للخروج إلى الناس في غزوات، للتأثير في عقولهم وقولبتها بما يخدم التوجهات الانتخابية القادمة لهذا الحزب الذي قاد أوضاع الناس للإفلاس.
التجييش جاء بمعلومات كاذبة وخاطئة، حيث أن المتعاطين للقنب الهندي، كثير منهم قاموا بجرائم بشعة ضد الأصول، في حين أن المعطيات الميدانية للخبراء وتقارير أجهزة الشرطة، تفيد أن المخدرات التي يتحدث عن مفعولها الخطير هي الحبوب المهلوسة وهي مركبات كيماوية قادمة من آسيا أو أمريكا وأن تناول بعضها ولو لمرة واحدة، يجعل آخذها مدمنا وتنتابه حالات هستيرية يفقد معها السيطرة الكلية على قواه العقلية، حيث تترك تأثيرا سلبيا على المخ والجهاز العصبي مثل حبوب LSD والسيلوسين المستخرج من أنواع الفطر في المناطق الاستوائية وDTM منه الحبوب المهلوسة و NBOME والحبوب الفصامية مثل PCP تأتي على شكل أقراص وكبسولات واسمها الشائع حبوب السلام أو غبار الملائكة. وغيرها كثير.
وبعض أنواع الحبوب المهلوسة كانت تدخل من المعابر الشرقية، حيث المخابرات الجزائرية تقف وبعدائها للمغرب لمد السوق الوطنية عبر شبكات التهريب بالإكستازي عقار النشوة أو السعادة واسمه العلمي MDMA له تداعيات خطيرة وقوية على الصحة النفسية والبيولوجية والجسدية للمدمنين عليه.
لكن ابن كيران في خطبته الشعبوية، يخلط الحابل بالنابل للتأثير في مريديه والدفع بهم علنا لتلويث النقاش حول فكرة تقنين القنب الهندي ولا يتورع في استخدام الآيات القرآنية حول التحليل والتحريم وهي أيضا فيها تباينات في التأويل بين الفقهاء والمذاهب.
إن ابن كيران يمارس السياسة، ويستخدم الدين بالتأويل الذي يخدم طروحاته في العودة إلى إدارة الشأن العمومي، وهذا مبتغاه ومنتهاه، لكن أحول المغاربة فهو غير معني بأحوالهم الصحية، ألم يكن من دعاة تفويت الخدمات الصحية للخواص، حتى أتت علينا الجائحة وكذبت بمعطياتها الميدانية فداحة هذا التوجه وأن الأمن الصحي من الضروري أن يظل من مسؤوليات الدولة ومن القطاعات الاستراتيجية وبها يرتبط الأداء الاقتصادي للأفراد.
إن ابن كيران يريد نقاشا على هواه ولا يتورع أن يستخدم المؤسسة الملكية وهي دعوات يراد من ورائها باطل.
ما معنى تقنين القنب الهندي وفي هذا الباب يكذب علينا ابن كيران بقوله أن هكتار القنب الهندي في التحويل الطبي لا يذر سوى 14000 درهما لكنه كمخدر يأتي بعائد يتراوح ما بين 40000 و 50000 درهما للهكتار.
ما يسكت عنه ابن كيران في خطبته العصماء أن الأبحاث في المختبرات الاسرائيلية الرائدة على المستوى الدولي، في التصنيع الطبي للقنب الهندي أنتجت منه مستخلصات لعلاج الزهايمر وبعض أنواع السرطانات وأمراض الالتهابات المعوية وهي أبحاث لا زالت في بداية الطريق لكن المستقبل يعطي أمالا واعدة في الشفاء لأمراض عديدة إلى جانب مستحضرات التجميل.
ما يسكت عنه بن كيران وما لم يقله، أن القنب الهندي حسب عدد خاص لجريدة لومند الفرنسية، ذات الانتشار الواسع والمصداقية، أوردت فيها استطلاعا حول مداخيل الدول من قطاعاتها الفلاحية أو صناعتها السياحية أن القنب الهندي المغربي يذر سنويا 11 مليار أورو، لكن عما يتستر ابن كيران على أن لا تكون لنا شفافية وأن يظل حزبه يراكم الثروات ويتحكم في رقاب العباد.
ومن جانب أخر الفزاعة التي استخدمها ابن كيران حول ربطه بين التقنين وانتشار الجريمة هل الجريمة منتشرة في المجتمع الهولندي الذي يسمح بالترويج العلني وبنسب مقننة لمخدر القنب الهندي؟
على السيد ابن كيران العدول الفوري عن تهديداته المبطنة للمغاربة وعن أساليب التجييش، وللحوار والنقاش المجتمعي قواعد، أن لا يأتي طرف بمواقف مسبقة لفرضها على الناس. الحوار والنقاش يقتضي هدوء الأعصاب واستخدام العقل في التعاطي مع قضية التقنين وفي علاقاتها بالمصالح الاقتصادية للوطن.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *