أرض الله، ليست واسعة في السياسة

أرض الله، ليست واسعة في السياسة
فؤاد الجعيدي

في الفكر اليساري، مقولة أرض الله واسعة، لا تستقيم. ومن يريد التصدي لحق الناس في التعبير الحر عن مواقفهم بالنقاش الديمقراطي خاطئ.

من يتحدثون اليوم عن واقع التقدم والاشتراكية، يفعلون ذلك من منطلقات أن هذا الإرث التراثي لهذا الحزب الوطني واليساري والاشتراكي، هو جزء لا يتجزأ من مخاض طويل من الصراعات والمعاناة، لنصرة أفكار التحرر ومناهضة استغلال الإنسان للإنسان، ولم تكن في يوم من الأيام حكرا على فرد أو جماعة..

إن حزب التقدم والاشتراكية هو التعبير السياسي والإيديولوجي والطبقي، للعمال وكافة الكادحين والمظلومين، وبهذا الفهم هو تراكم التاريخي الذي صاغه وأنتجه صراع الشعوب من أجل التخلص من الهيمنة والتحكم، وساهم في الثقافة الكونية بإنتاج مفاهيم علمية لتحليل الظواهر الاجتماعية وتناقضاتها، في أفق تخليص البشرية من نزعات الملكية وسوء توزيع المقدرات والخيرات الوطنية.

ولكل من يتهم بالثقافة المتنورة لا بد أن ينزاح بالضرورة لهذه التصورات، والتي وجدت لها تنظيمات سياسية خاصة بم تكن غاية في ذاتها، تؤمن بمفاهيم الحرية والعدالة، ولم تكن في يوم من الأيام حكرا على النخب السياسية، ذات التوجهات الضيقة.

ويصبح الأمر في غاية التعقد داخل المجتمع المغربي والذي يجتاز بصعوبات كثيرة منعطف الانتقال الديمقراطي، الذي دام في الزمن وأدى إلى تراجعات لم تكن في الحسبان. لكنه في ذات الوقت فتح آفاقا وتطلعات ينبغي الانتصار لها.

وما يحرك تاريخ الشعوب في عمليات الصراع الجارية هو طموحات القوى الصاعدة، التي ترفض استمرار البنيات السياسية والفكرية السائدة، وتناشد التغيير على أوسع نطاق، لكن في المقابل من استفادوا من الأوضاع بشكل أو بآخر، يشحذون معاولهم الصدئة لتقديم المبررات الواهية والكاذبة، دفاعا عن مصالحهم الأنانية والضيقة والتشبث الأعمى بها، ويريدون بأي شكل من الأشكال البقاء وهو أمر مخالف لقوانين الطبيعة والمجتمع. وأمر مخالف لقوانين الوعي التاريخي.

ومن يستخدم أحكام القيمة، على نقاش مجتمعي وتمثله بأنه فوضى، يثير الشفقة والاستهجان، ويسقط في المطبات، ويتوهم رؤية الموضوعي ذاتيا ويدعو للانضباط بمفهومه العسكري ولا يرى في اتساع المطالب المدنية أفقا.

لم تعد العبارات المبهمة تغري أحدا، من قبيل الفكرة الجماعية النبيلة والنضال الصادق، إنها انطباعات وكفى، لا تسمن ولا تغني من جوع، أمام مؤشرات غدت تستدعي أكثر من أي وقت مضى التغيير، ثم التغيير ولا شيء غير التغيير، وهي أهم المقولات التي جاءت بها الاشتراكية العلمية، وأن تبني شعار أرض الله واسعة، لا يحمله ويدعو إليه إلا أئمة الصوفية ورجال الزوايا الذين تأثروا بالثقافة الوافدة من الشرق العتيق.

لكن السياسة، أمر آخر.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *