من السوق المركزي بالفنيدق تبدأ معاناة القاصرين والقاصرات الذين يستعدون للهجرة سباحة نحو سبتة

من السوق المركزي بالفنيدق تبدأ معاناة القاصرين والقاصرات الذين يستعدون للهجرة سباحة نحو سبتة
الفنيدق: عمر اياسينن

في قلب السوق المركزي بمدينة الفنيدق، وفي الطابق الأول تحديداً، تتجسد ملامح معاناة صامتة، أبطالها قاصرون وقاصرات يفترشون الكرتون البارد الذي صار مأواهم الوحيد، يحتضن أجسادهم النحيلة ويخفف عنهم – قدر المستطاع – قساوة التهميش والتهشيم والتفقير. أطفال صغار السن، لكن قلوبهم محمّلة بأثقال أكبر من أعمارهم.

ما يحدث في الفنيدق ليس مجرد مشهد عابر في ركن مظلم، بل هو جرح مفتوح يضرب في عمق الدستور المغربي، ويناقض كل المعاهدات والمواثيق الدولية، ومواثيق حقوق الإنسان التي تلزم الدول برعاية القاصرين وتوفير بيئة آمنة لهم، ومراكز إيواء تحفظ كرامتهم وتليق بمرتبة الإنسان الذي كرّمه الله.

في الصورة المرافقة، يتجسد المشهد بلا كلمات: خلف جدران اسمنتية باردة، يرقد طفل قاصر على أرضية إسمنتية، منهك الجسد، يلتف حول نفسه كما لو كان يحتمي من قسوة العالم. لا وسادة سوى ذراعه، ولا غطاء سوى ثيابه البالية، ولا سقف سوى جدار أزرق صامت يشهد على صراع الطفولة مع الفقر والحرمان. مشهد يختصر كل ما يمكن أن يُقال عن الإهمال، ويضعنا أمام سؤال مؤلم: كيف وصل بنا الحال إلى أن تصبح البرودة والجوع رفقاء طفولة بريئة؟

المؤسف أن الحلول ما زالت محصورة في الحواجز الحديدية، وكأن الهجرة السرية ومآسي الشوارع يمكن أن تُكبح بالحديد والإسمنت. الحقيقة أن الحل يبدأ من الإنسانية، ومن ضمائر حية تدرك حجم وثقل المسؤولية، وتضع الطفل والإنسان في صدارة الأولويات.

إن ما يقع اليوم من حوادث ومآسٍ ليس مسؤولية طرف واحد، بل هو نتاج تراكمي يتحمل الجميع نصيباً منه، من سلطات ومؤسسات وأفراد. والختام، لنا موعد عند من لا يُظلم عنده أحد، حيث تُوزن الأمانات بميزان الحق والعدل.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *